نهاية موفقة لتدريبات النجم الساطع

لواء دكتور/ سمير فرج
انتهت أمس الأربعاء العاشر من سبتمبر المرحلة الأخيرة من مناورات النجم الساطع Bright Star، التي عادت إلى مصر في دورتها التاسعة عشرة، والتي بدأت يوم الخميس 28 أغسطس الماضي حتى يوم الأربعاء 10 من سبتمبر. وقد شارك في هذه المناورة التي تعتبر أكبر مناورة برية وجوية وبحرية في منطقة الشرق الأوسط، عدد 43 دولة شقيقة وصديقة، وأكثر من8000 مقاتل وعناصر من الشرطة المدنية وممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر مثال لذلك اشتركت الهند بقوة 700 مقاتل.
وقد اشتركت 29 دولة بصفة مراقب، وهذا يعني حضور قادة على مستوى عالٍ بدون قوات بهدف متابعة كل ما هو جديد في هذه المناورة. ثم هناك 14 دولة تشارك بقواتها العسكرية.
ولقد تعددت مراحل التدريب في هذه المناورة، بدءًا من المحاضرات التي بدأت بها بهدف توحيد المفاهيم القتالية بين القوات المشتركة، وعرض الخبرات العسكرية لكل دولة، كذلك تم تنفيذ مشروعات بالرماية بالذخيرة الحية كذلك أعمال التفتيش البحري والتطهير الكيماوي. وفي مجال الطلعات الجوية، تم التركيز على أعمال القتال الجوي والتنسيق بعمل القوات الجوية مع القوات البرية وتوفير الدعم اللازم لها، علاوة على مهام الاستطلاع مع التأكيد على أعمال اعتراض الطائرات المعادية، كما تم تنفيذ دورات تكتيكية قصيرة، الـ STX، تشمل مكافحة العبوات الناسفة، والإسعافات، كذلك محاكاة مراكز القيادة CPX لتبادل المعلومات والخبرات والقرارات خلال السيناريوهات المختلفة.
كما تم تنفيذ ورش عمل في مجالات الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، حيث عرضت كل دولة فكرها في أسلوب استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة المعركة، وهو فكر جديد يدخل هذه المناورات لأول مرة. كذلك تم التركيز على أسلوب استخدام المسيرات Drones في الحرب الحديثة من خلال مهامها المختلفة، سواء عمليات الاستطلاع للحصول على المعلومات، أو العمليات الانتحارية، أو العمليات الجوية ضد التجمعات المعادية ومراكز القيادة، خاصة أن موضوع المسيرات أصبح شكلًا جديدًا من أشكال القتال. وقدمت كل دولة فكرها وأسلوب تنفيذها خلال المشروع.
كما تم التدريب على أسلوب تطبيق نظريات القانون الدولي الإنساني في دعم التزامات القوات المسلحة بصورة واضحة، كما تم التركيز بعرض محاضرات على موضوعات الأمن السيبراني Cyber Security، وخاصة في مجال الاستخدام والأعمال المضادة.
ولقد كان أهم ما لفت الجميع هو قدرة القوات المسلحة المصرية على إدارة وتنظيم هذه المناورة، خاصة من خلال الجوانب اللوجستية في قاعدة محمد نجيب، حيث تم استضافة جميع العناصر وتوفير كل المطالب الإدارية والفنية والعملياتية. حتى أن مدير التدريب الأمريكي الجنرال “باتريك كيلي” وجّه شكرًا خاصًا في نهاية المناورة على الأداء الإداري المصري الرائع في تنظيم واستيعاب القوات واستقبالها مع أسلحتها ومعداتها، وتقديم كل الدعم اللازم خلال مراحل التدريب وخاصة الدعم الفني.
وبنظرة أخرى حول نتائج هذا التدريب “النجم الساطع” هذا العام، يمكن القول إن العنصر الأول الذي حققته مصر هو التأكيد للجميع أن الولايات المتحدة ما زالت تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا هامًا في المنطقة. ورغم ما حدث من اختلاف في وجهات النظر خلال الفترة السابقة أثناء إدارة أعمال القتال في غزة، فإن مصر ما زالت، كما هو واضح للجميع، الشريك الاستراتيجي الأساسي للولايات المتحدة في المنطقة.
أما العنصر الثاني فكان التقدير الذي حصلت عليه القوات المسلحة من خلال هذا النشاط التدريبي. وخاصة أن العديد من الدول كانت تنتظر الرأي الأمريكي الذي شارك القوات المسلحة المصرية، لكي تتعرف على مستوى كفاءة الجندي والضابط المصري خلال جميع مراحل التدريب. وأعتقد أن بعض الدول أُصيبت بالإحباط، لأن التقرير الأمريكي بعد انتهاء هذه التدريبات جاء ليؤكد أنهم لمسوا في الجيش المصري قوة احترافية، خاصة من القادة والضباط والجنود، حيث ظهر ذلك واضحًا في الرماية بالذخيرة الحية، والتي كانت محل إشادة من رؤساء الوفود في المرحلة الختامية من التدريب. وكانت الجملة السائدة أن الجيش المصري هو جيش محترف.
كما جاءت الإشادة بحجم المستوى المتميز للقادة والضباط المصريين، حيث كانت مراكز القيادة المشتركة تجمع القادة والضباط المصريين بجانب الضباط الأمريكيين، والأجانب ومن دول أخرى حيث تبادلوا المهام وأوامر القتال خلال سير أعمال التدريب بصورة لا تستطيع أن تفرق فيها بين المصري والأمريكي والاجنبي.
ولقد كانت فرصة اشتراك القوات العربية في ذلك المشروع فرصة عظيمة لتوحيد المفهوم القتالي والعسكري بين القوات المسلحة المصرية والعربية. وكانت عملية القفز الحر بالمظلات Free Fall للدول المشتركة في منطقة أهرامات الجيزة عملية مبهرة، حتى أن صور هذا النشاط لكل القافزين بأعلامهم فوق أهرامات الجيزة تصدرت المجلات العسكرية لهذه الدول.
ويبقى بعد ذلك أن القوات المسلحة المصرية قد نجحت في التعرف على أشكال جديدة وأنماط من العمليات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، واستخدام المسيرات، وعمليات الأمن السيبراني. وهو بلا شك أعطى المقاتل المصري ثقة كبيرة في نفسه، حيث كان نِدًا قويًا للضابط والجندي الأمريكي والأجنبي، وظهر ذلك واضحًا في تمرين الرماية بالذخيرة الحية، حيث حصل الجانب الأمريكي والجانب المصري على أعلى التقديرات خلال هذه المناورة.
وفي النهاية نقول ان هذه التدريبات هي رسالة أولًا لشعب مصر العظيم ليطمئن أن لدينا جيشًا عظيمًا، وعلى الطرف الآخر رسالة ردع لكل من تسوّل له نفسه يهدد الأمن القومي المصري.
Email: sfarag.media@outlook.com