المصري اليوم

مصر تدخل عالم اللوجستيات

 

لواء دكتور/ سمير فرج

عندما احتفلت دولة الإمارات بتوحيد السبعة إمارات في دولة واحدة، كان الشيخ زايد رحمه الله واسع الفكر، لذلك اعتمد على القيادات العسكرية المصرية لإدارة الجيش الإماراتي الجديد بعد توحيد السبعة إمارات، وكلف الإنجليز بوضع خطة لتطوير الإمارات اقتصاديًا. ومن هنا جاءت خطة الإنجليز بجعل الإمارات هي HUB ومنطقة لوجستية في العالم العربي والشرق الأوسط، وتم بناء ميناء جبل علي لتكون بداية هذا المشروع. وفي غضون سنوات أصبحت الإمارات مركز اللوجستيات الرئيسي في المنطقة.

والحمد لله أنه بمجيء الرئيس السيسي إلى إدارة البلاد قرر أن تصبح مصر مركزًا للوجستيات في المنطقة، وخاصة منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث أن مصر بموقعها الجغرافي ووجود قناة السويس سوف تصبح — بالتخطيط الجيد الذي يتم الآن — أهم مركز لوجستي في المنطقة.

ويعني مفهوم اللوجستيات أن مصر تصبح محطة استقبال مثل الحاويات القادمة من الصين واليابان وسنغافورة … إلخ ، وتخزينها في مصر في الميناء ثم يُعاد شحنها إلى موانئ أوروبا مره اخرى، حيث إن السفينة القادمة تفضّل إنزال الشحنة في ميناء شرق بورسعيد، مثلا ومنها يتم توزيعها على موانئ أوروبا بعد ذلك.

لذلك تتجه مصر بقوة نحو تعزيز مكانتها في مجال اللوجستيات من خلال العديد من المبادرات والمشروعات التي تهدف لتطوير البنية الأساسية التحتية وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية لتحقيق مكانة مميزة على الساحة الإقليمية والعالمية، حيث تعمل على تنفيذ أكبر برامج تطوير الموانئ البحرية بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية واستقبال أكثر من 40 مليون حاوية، إلى جانب مضاعفة حركة السفن وزيادة كفاءة الموانئ كمراكز لوجستية.

ولذلك قامت بالتوسيع وتحديث الموانئ والمناطق اللوجستية بهدف أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا لتجارة الترانزيت والشحن متعدد الوسائط. كذلك تعزيز شبكة النقل الداخلي من السكة الحديد والاستفادة من ممرات نهر النيل لتسهيل تدفق البضائع مع الدول المجاورة. وتسعى مصر إلى توقيع اتفاقيات مع شركات كبرى مثل شركة علي بابا وميرسك وغيرها لتعزيز قدراتها اللوجستية وبناء مراكز متقدمة تسهم في التسريع والتوصيل وتحسين الكفاءة.

ومن هذا المنطلق فإنها قامت بأكبر مشاريع لتطوير الموانئ التجارية في مصر، حيث تشمل عدة محطات وموانئ كبرى تستهدف رفع الطاقة الاستيعابية وتحسين الخدمات اللوجستية.

أولا ميناء شرق بورسعيد الذي يشهد توسعات حاليًا لمحطة الحاويات حيث أُجريت تطورات كبيرة على أرصفته التي بلغت 14.6 كم بأعماق تصل إلى 22 متر، مع ربطه بشبكات النقل الداخلي لتسهيل التصدير إلى أوروبا وتحويله إلى مركز لوجستي صناعي متكامل يخدم البحر المتوسط وأوروبا والشرق الأوسط. ويُصنّف حاليًا كأول ميناء حاويات في أفريقيا والثالث عالميًا. وأشاد السيد الرئيس السيسي بأنه تم إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس رغم التحديات التي تمر بها المنطقة كلها.

ثانيا تطوير ميناء الإسكندرية الكبير، وهو مشروع ضخم بقيمة 1.6 مليار دولار لتطوير الميناء ليصبح منافسًا إقليميًا قويًا بمرافق حديثة تشمل محطة حاويات ومنطقة لوجستية كاملة، مع تطوير خطوط السكة الحديد وحواجز الأمواج، ويتوقع أن يتم الانتهاء منه مع بداية عام 2030.

ثالثًا ميناء سفاجا الكبير الذي يشمل إنشاء محطة متعددة الأغراض «سفاجا 2» برصيف بطول 1100 م وعمق 17 م لاستقبال السفن العملاقة.

كما تسعى مصر إلى خلق نظام لوجستي متكامل يشمل نقل البضائع، التخزين، التوزيع، التخليص الجمركي، وربط مختلف وسائل النقل البحري والبري والجوي ضمن منظومة موحدة متكاملة تسهّل الحركة التجارية داخليًا وخارجيًا، مما يعزز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية. من هنا تعمل مصر على توسيع الموانئ البحرية الجديدة مثل ميناء الإسكندرية وبورسعيد والسخنة بهدف زيادة القدرة الاستيعابية والتعامل مع السفن العملاقة، فضلًا عن تحسين الخدمات اللوجستية. كذلك ايضًا يتم إطلاق قمة الابتكار في اللوجستيات عام 2025 التي تتجه نحو تبني تقنيات الذكاء الصناعي والإنترنت والحلول الرقمية المتطورة لتحسين كفاءة العمليات اللوجستية والتسريع فيها، كذلك استقطاب الاستثمارات وتعزيز الشراكات الأجنبية والمحلية عبر تطوير البيئة الاستثمارية في القطاع اللوجستي، مثل شركات علي بابا وميرسك

وفي آخر لقاء مع السيد الرئيس، استعرض رئيس المنطقة الاستثمارية لقناة السويس أن استراتيجية الهيئة هي جذب الاستثمار تمت زيادتها من عام 2016 حتى الآن 2025، حيث تم توفير أكثر من 136 ألف فرصة عمل مباشرة، وجذب استثمارات بإجمالي 11.6 مليار دولار، كما تم التركيز على توطين الصناعة بما في ذلك مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وخلال افتتاح السيد الرئيس السيسي لعدد من المحطات البحرية، وجّه الشكر لشركة ميرسك على وفائها بالتزاماتها، مشيرًا إلى تطلع مصر إلى زيادة استثمارات الشركة وغيرها من المستثمرين العاملين في مصر، مؤكّدًا أن الدولة سوف تقدم كل التسهيلات التي تسهم في ذلك، مطالبًا بتحقيق إنجازات وإتمام المشروعات بمعدل أعلى، مؤكّدًا أن مصر تشهد اليوم ثورة إنجاز في قطاعات الموانئ والسكة الحديد، والطرق، والمحاور والطاقة.

كل هذه المشاريع تمثل دعائم أساسية لتعزيز موقف مصر كمركز لوجستي محوري يربط بين قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، وتدعيم خطة الدولة الطموحة لتعزيز دور الموانئ المصرية حتى عام 2030 بهدف ان تصبح مصر مركز اللوجستيات العالمي في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى