المصري اليوم

الحرب الروسية الأوكرانية، وفي عامها الثالث (2)

 

 

لواء دكتور/ سمير فرج

استعرضت في هذا المكان مقالي في الأسبوع الماضي عن الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت عامها الثالث، والتي بدأت يوم 24 من فبراير و2022، والتي أساسا بدأت في عام 2014 عندما استولت روسيا. على شبه جزيرة القرم، وأعدتها إلى روسيا، وهي التي كانت خروشوف كان أعطاها إلى أوكرانيا أيام عصر الاتحاد السوفيتي القديم، وخلال هذه الفترة السابقة استولت روسيا ال20% من الأراضي الأوكرانية من خلال ضم أربع مقاطعات هي لوهانسك، دونيتسك، زابورجيا وخيرسون، بعد أن أجرى الاستفتاء للأهالي وأصبح لديهم بطاقات و جوازات سفر روسية.
وخلال هذا العام نجحت أوكرانيا في الهجوم على روسيا واستولت على مساحة 45 كم داخل الأراضي الروسية في مقاطعة كورسيك. وهذا بالطبع، سيعطي أوكرانيا قوة عندما تجلس على الطاولة المفاوضات مع روسيا لبحث تحقيق اتفاقية السلام، وفجأة حدث التحول في الموقف الأمريكي، حيث أعلن رئيس جو بايدن إعطاء دول أخضر إلى اوكرانيا لاستخدام السلاح الأمريكي لضرب العمق الروسي. وهو الأمر الذي لم يكن يسمح به من قبل، عندما كان يعطي أوكرانيا الصواريخ هيمارس الأمريكية ذات المدى 80 كيلو، حيث كان يمنع أوكرانيا من ضرب العمق الروسي.
هذا القرار أثار روسيا بالكامل، بدءا من الرئيس بوتن والكرملين والدومة البرلمان الروسي، لدرجة أن الرئيس الروسي. بوتن وقع مرسوم يوسع إمكانية اللجوء لاستخدام السلاح النووي الروسي يوم 19 نوفمبر الماضي، الأمر الذي يقلب شكل الحرب الروسية الأوكرانية من حرب تقليدية خلال الفترة الماضية، والتي تستخدم فيها الدبابات والمدفعية والطائرات إلى آخره إلى احتمالية نشوب حرب نووية في حالة استخدام روسيا السلاح النووي.
ولا ننسى أن الرئيس ترامب خلال جولته الانتخابية قال انه لو كان موجودا في محادثات هذه الحرب، لما حدثت هذه الحرب ووصلت الى اليوم بل أنه فور توليه كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، سوف يقوم بإيقاف هذه الحرب، ومن هنا بعد تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي. قامت أوكرانيا بضرب العمق الروسي بالصواريخ البريطانية ستورم شادو ذات المدى 250 كيلو، والصواريخ الأمريكية أتاكمز ذات المدى 300 كيلو.
وكان الرد الروسي عنيفا بضرب المجمع الصناعي الأوكراني بمدينة دبرو فرنكس. لأول مرة بصاروخ باليستي روسي عبر للقارات طراز أر إس 26، وكان بمثابة رسالة رمزية من بوتن، هذا الصاروخ الذي يعمل بست رؤوس تقليدية غير نووية ذات قدرة تدميرية عالية و وتراث عابر للقارات لا يمكن تتبعه اواكتشف بالرادارات، أطلق عليه الروس صاروخ بندق الفتاك، وهو المسلح تبقى عادة بالسلاح النووي.
وقام الروس هذه المرة باستخدام رؤوس متفجرة بدلا من السلاح النووي، وبدأ الجميع يتساءل هل ورت جو بايدن ترامب بالسماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي؟ وبالتالي تقوم روسيا بالرد بالدخول في حرب نووية لا يستطيع ترامب إيقافها كما وعد من قبل والواقع أن إمكانية روسيا لاستخدام السلاح النووي في حربها ضد أوكرانيا يخضع لما يسمى قواعد الشباك في الحرب النووية التي تقوم على أساس. إن أي دولة لديها سلاح نووي، وهم تسع دول في العالم، أطلق عليهم انا النادي النووي وهم أمريكا، إنجلترا، فرنسا، روسيا، الصين، الهند. باكستان، إسرائيل، وكوريا الشمالية.
أي دولة منهم يحق لها استخدام السلاح النووي طبقا لقواعد الاشتباك في حالة تهديد الأمن القومي للدولة، بضرب عمقها، وهناك من يقول أن أوكرانيا في بداية الحرب نجحت في إرسال طائرة، مسيرة وصلت إلى عمق روسيا وانفجرت فوق الكرملين. مقر الحكومة الروسية، وهناك من يقول أن أليس ذلك تهديدا للأمن القومي الروسي، ولكن نقول أنا تهديد، الأمن القومي الروسي يتم من خلال قصف عمق روسيا بصواريخ ومدفعيات وطائرات، هذا هو التهديد للأمن القومي الروسي.
وهنا، طبقا لقواعد الاشتباك في الحرب النووية، يمكن لروسيا ضرب أوكرانيا بالسلاح النووي، وهنا يكاد يكون أمام روسيا خيارين، إما سلاح نووي تكتيكي، وهي قنبلة من خمسة إلى عشرة كيلو طن، مثل القنبلة التي سقطت على نجازاكي، في الحرب العالمية الثانية، أو حرب نووية إستراتيجية. ويتم قذف الدولة بالكامل، وهنا أعتقد انه لو حدث ذلك، فإن روسيا يمكن أن تستخدم قنبلة نووية تكتيكية فورا ضد أحد المدن الرئيسية الأوكرانية، وأعتقد أن الهدف المحتمل لذلك هو ميناء أوديسا البحري على البحر الأسود. لأنها مدينة ساحلية على البحر الأسود، حيث أن الانبعاثات الإشعاعية ستكون أقل، كذلك، ستندفع هذه الموجات الإشاعة الإشعاعية في اتجاه البحر الأسود، و بعيدا عن التأثير على دول أوروبا. أما الهدف الثاني في ويمكن أن يكون في العاصمة، وهنا يكون الهدف إسقاط نظام الدولة بالكامل.
حيث أن هذا الهدف سيخلق مشاكل كبيرة مع باقي دول أوروبا، حيث أن الإشعاع سوف ينتقل إلى كل مكان في وسط أوروبا، مثلما حدث في تسرب في مفاعل تشيرنوبيل في السنوات الماضية أن دائرة الإشعاع الناتجة عن التسريب له وصلت الى معظم مناطق كبيرة في أوروبا. ولكن بعد قيام روسيا بضرب أوكرانيا بالطريق العابر للقارات أر إس 26 كانت رسالة من بوتين إلى أوكرانيا والولايات المتحدة ودول حلف الناتو، وأعتقد أن ذلك سوف يضع الولايات المتحدة في موقف تعيد في حساباتها، بل وتطلب من أوكرانيا عدم التدخل لضرب العمق الروسي مرة أخرى، لكي تعطي الفرصة لترامب عند وصوله للسلطة في البيت الأبيض يوم 20 يناير القادم، أن يبدأ في طلب الأطراف، روسيا وأوكرانيا للجلوس على طاولة المفاوضات لتحقيق السلام بين الدولتين،
وعموما هناك العديد من التفاهمات قد ظهرت مؤخرا على أساس أنه بتولي الرئيس الأمريكي ترامب مقاليد الحكم 20 يناير القادم، سوف يعمل على تحقيق السلام. حيث يبدأ الجميع يسأل وما هي الاحتمالات للوصول إلى تسوية بين أوكرانيا لروسيا، لذلك فإنني أقدم بعد عدد من الأفكار التي قد تكون أساس الوصول إلى سلام بين الدولتين، على أساس أنه سيتم الموافقة على عودة شبه جزيرة القمة إلى روسيا، كما كانت من قبل في عهد الاتحاد السوفيتي. البند الثاني هو ان تتعهد أوكرانيا بعدم انضمام لحلف الناتو، أما البند الثالث ان تعهد روسيا بعدم شن أي حرب مستقبلية ضد أوكرانيا، وبالنسبة للمقاطعات الأربعة فإنه من المنتظر إمكانية إجراء استفتاء. دولي بين شعوب هذه المقاطعات الأربعة لإبداء الرأي في تبعيتهم إلى روسيا أو أوكرانيا، أو يعطى لهما حكم ذاتي تابعا إلى روسيا، كذلك جيل البند الأخير، وهو رفع العقوبات التي فرضتها أمريكا والدول الاتحاد الأوروبي عن روسيا.
أخيرا إنشاء صندوق لإعادة إعمار، أوكرانيا، على أن تساهم به روسيا، بصفتها الدولة التي قامت بتدمير هذه المنشآت والبنية الأساسية في أوكرانيا. تلك كانت المفاهيم الأساسية التي يمكن أن تنطلق منها مباحثات تحقيق السلام بين روسيا وأمريكا وأوكرانيا، والتي من المنتظر إنتاجها الرئيس الأمريكي ترامب فور توليه السلطة، والتي يقبل العالم كله أن يتحقق بها السلام الذي سينتشر آثاره، خصوصا الاقتصادية، ليس فقط في دول أوروبية، ولكن دول العالم الثالث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى