مناطق الصراع فى العالم
لواء دكتور / سمير فرج
فجأة، اشتعلت مناطق الصراع في العالم حيث بدأت كل منطقة مشتعلة تؤثر على كافة دول عالم .
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية يومها أطلقت مقولتي الشهيرة نحن نعيش في زمن الآواني المستطرقة، حيث أن كل صراع في المنطقة يؤثر على باقي دول العالم أيا كان مكانها، ولعل أبسط مثال على ذلك ما حدث في الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في أوروبا، وبعيدة تماما عن مصر، ورغم ذلك فإن مصر كانت أكثر الدول تأثراً بهذه الحرب، حيث أن مصر من أكبر الدول التي تستورد القمح في العالم. وبالذات من روسيا وأوكرانيا، لذلك، فقد ارتفعت أسعار القمح خاصة مع قلة المعروض كذلك الذرة التي يتم إستخدمها كغذاء للماشية والدواجن، وتأتي أيضا من روسيا وأوكرانيا، وأخيراً الزيوت. كل هذه الأصناف هي احتياجات الشعب المصري التي تأثرت أسعارها بالحرب الروسية الأوكرانية.
وبالطبع تأثرت أيضا باقي شعوب العالم، ويشهد العالم حالياً ثلاث مناطق للصراعات، إثنان منها تشهد عمليات قتالية، والثالثة تشهد إنفجار للموقف قد يحدث في أي وقت والوصول إلى إستخدام القوات والأسلحة. المنطقة الأولى هي الحرب الروسية الأوكرانية التي تدخل عامها الثالث لا أحد يعلم متى ستنتهي والتي أثرت على العالم كله بسبب تأثر الإقتصاد والقمح والذرة. والمنطقة الثانية هي حرب غزة التي تدخل حالياً عامها الأول وإسرائيل لم تحقق فيها أي انتصار والثالثة هي حرب الصين وتايوان التي لم تبدأ بعد لكن يمكن أن تشتعل في أي لحظة.
ونعود إلي المنطقة الأولى هي منطقة الحرب الروسية الأوكرانية. التي بدأت تدخل عامها الثالث ولا أحد يعلم متى تنتهي. حيث نجحت روسيا خلال السنوات الماضية في الإستيلاء على 25% من الأراضي الأوكرانية، وقامت باحتلال أربع مقاطعات هي لوهانسك ودونيتسك وزابورجيا وخيرسون، بل قامت بعمل استفتاء وقررت ضمهم إلى روسيا.
ولكن جاءت المفاجأة بعد فشل أوكرانيا في هجوم الربيع الماضي لاستعادة أراضيها التي فقدتها، حيث قامت بشكل مفاجئ. بالهجوم على منطقة كورسيك حيث كانت الحدود الروسية في هذا الإتجاه تدافع عنها بقوات محدودة من حرس الحدود، لذلك طبقت القوات الأوكرانية ما هو موجود في الكتب بمهاجمة أضعف النقاط في أي دفاعات، ولذلك حققت إختراقاً لعمق المنطقة وهددت المفاعل النووي هناك ومنطقة توزيع الغاز الطبيعي الروسي إلى كل أوروبا. وبتحقيق ذلك الاختراق، أصبح لأوكرانيا موقف قوي عندما تدخل في آية مفاوضات سلام مع روسيا بعد الإنتخابات الأمريكية القادمة.
والمنطقة الثانية في الصراعات هي منطقة الشرق الأوسط التي بدأت يوم 7 أكتوبر 2023م، والتى تقترب من عامها الاول ، وإن كانت حاليا، بين إسرائيل والمنظمات الفلسطينية، ولكن دخلت على استحياء دون تورط كامل، إيران، ومعها أذرعها في المنطقة حزب الله في جنوب لبنان، وحزب الله في سوريا، والحوثيين في اليمن. ومن المحتمل أيضا تدخل إيران في أي لحظة للرد على عملية إغتيال إسماعيل هنية على الأرض الإيرانية ورغم قيام حزب الله بتنفيذ ضربة ضد إسرائيل ونتج عنها إغتيال فؤاد شكر وقيام إسرائيل بضربة إستباقية قبلها إلا أنها لم تطور الأمور لأكثر من ذلك .
وأيضا نأتي إلى الجيش الإسرائيلي في حربه ضد حماس وهي تقترب من الدخول الى العام الأول وحتى الآن لم يحقق أيا من أهدافه الثلاثة، وهم تخليص الرهائن والقضاء على حماس واحتلال غزة ويهدف الجميع نحو تحقيق السلام في هذه المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة، حيث أن جو بايدن يركز وبسرعة على إبرام إتفاقية السلام لتكون أهم عمل قام به خلال فترة توليه الأربع سنوات رئيساً لأمريكا.
ولكن على الطرف الآخر نجد نتنياهو يرفض السلام بكل الطرق، لأنه لو نجح السلام وتم إيقاف النار سوف يدخل نتنياهو السجن في ثلاث قضايا فساد، علاوة على أنه سوف يحاسب على اتهامه بالتقصير في هذه الحرب، هو ووزير الدفاع، ورئيس الأركان ورؤساء المخابرات الثلاثة، ومن هنا يبذل نتانياهو قصارى جهده لإيقاف أي عملية للسلام ولذلك، فإنه يعمل على وضع العراقيل كل مرة يصل بها الأطراف إلى قبول وقف إطلاق النار خاصة عندما تعلن حماس أنها ستوافق فإنه يبتدع مشكلة أخرى مثل ما حدث في موضوع ممر فيلاديفيا الذي يصر نتنياهو على وجود قوات إسرائيلية هناك بينما ترفض مصر ذلك بل وتصر مصر على عدم وجود قوات إسرائيلية على معبر رفح طبقا لاتفاقية المعابر الموقعة بين الدولتين عام 2005.
أما منطقة الصراع الثالث فيمكن أن نطلق عليها صراع “النار تحت الرماد” ويقصد بها الصراع الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة، وهو منطقة جنوب شرق آسيا، النزاع الصيني التايواني، وإن كانت الصين تبدو صبورة للغاية بحيث تركز حالياً على عدم إثارة الموقف والدخول في حرب مباشرة، حتى لا تفقد التقدم الاقتصادي، لأنها الآن ثاني قوة إقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة ولو أستمر الموقف على ما هو عليه، يمكن أن تكون الصين عام 2030 هي أكبر قوة إقتصادية لذلك من المنتظر أن يظل هذا الاتجاه ساكناً، رغم محاولات الولايات المتحدة لجر الصين في عمليات قتالية، خاصة أن الصين حالياً تركز على إستكمال طريق الحرير القديم الذي يمر الطريق البري منه عبر سهول آسيا، ليصل إلى أوروبا. ويتكلف مليارات الدولارات، ثم الطريق البحري الذي يمر عبر قناة السويس، ليصل أيضاً إلى أوروبا، وهي تبني الآن أكبر سفن حاويات في العالم لتحمل 20 الف حاوية علاوة على التدخل الإقتصادي الصيني في أفريقيا، كل تلك الأمور تستدعي التريث قبل الدخول في أي أعمال قتالية، حتى لا تفسد هذه الحروب، الأنشطة التجارية التي ستصل عام 2030، لتصبح الصين أكبر قوة اقتصادية في العالم، وتتخطى الولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا مازالت مناطق الصراع الثلاثة مشتعلة والثالثة أما في المنطقة الأولى والثانية فهي تحت الرماد، ومازال العالم يرجو أن يتم السلام حتى تهدأ الأمور، وتستقر الأسعار، وتنتهي مشكلة البطالة في العالم كله، خاصة دول العالم الثالث، حيث يرى الجميع أن منظمة الأمم المتحدة وقفت عاجزة. حتى الآن، في أن تتخذ أي قرارات حاسمة حول تحقيق السلام في هذه المناطق المشتعلة، ولذلك فإننا نقول أن أعمال الصراع الحالية قد أعطت شهادة الوفاة لمنظمة الأمم المتحدة.