يوم في مصنع الرجال
لواء دكتور/ سمير فرج
بدعوة من الفريق اشرف سالم زاهر مدير الاكاديمية العسكرية المصرية التي أصبحت الان مجمع لكل من الكلية الحربية والكلية البحرية والكلية الجوية وكلية الدفاع الجوي لمحاضرة الدارسين عن موضوعات الامن القومي المصري والتهديدات الحالية لمصر والأوضاع والمتغيرات في منطقة الشرق الاوسط. وبحضور اكثر من 1500 طالب من دارسي الكلية الحربية والدفاع الجوي والدارسين المدنيين من قطاعات وزارة والتربية والتعليم والهيئات القضائية والرقابة الادارية الذين يمثلون حاليا كل الدارسين في الكلية الحربية.
والواقع ان الكلية الحربية الان في عهد الفريق اشرف سالم زاهر، اصبحت مصنع للرجال، ليست للقطاع العسكري فقط ولكن بل اصبحت مركزا للفكر ولإعداد شباب الدولة لمستقبل مصر في بعض القطاعات الهامة، وخاصة المنضمين الجدد في وزارات الخارجية والهيئات القضائية والرقابة الادارية والنقل ووزارة التعليم بهدف اعداد ذلك الجيل الجديد الذي سينضم الى هذه القطاعات الهامة من الدولة وهم مسلحين بأهم المبادئ، سواء في مجال الانضباط وملمين بمفاهيم الامن القومي المصري والاخطار التي تحيط بهذا الوطن ودور المواطن. في تطوير الدولة في العهد الجديد ولان الشباب خريج الجامعات المصرية كل منهم يدرس غالبا في تخصصه في مجال عمله، ولكن هذا الشاب عندما ينضم الى الحياة العملية في الوزارات والقطاعات فانه لابد ان يكتسب مهارات جديدة سوف يتم تعلمها في الكلية الحربية. مصنع رجالي. كما كنا نطلق عليه من قبل.
وقبل بدء المحاضرات تعرفت على المنظومة الجديدة. العلمية التي وضعها السيد الفريق اشرف زاهر في المساعدة في اختيار هؤلاء الشاب الجديد في الوزارات او المنظمات بالتعاون داخل الدولة مع وزارته من حيث الصلاحية البدنية من اختبارات لياقة بدنية ثم صلاحية الطبية الصحية من ناحية الكشوفات الطبية المتكاملة على هذا الشاب ثم الكشوفات النفسية طبقا لأعلى مستويات الانتقاء طبقا لمفهوم الدول الغربية حاليا وبالذات الولايات المتحدة الامريكية.
وبعد ذلك تأتي اختبارات المقابلة او كما كنا نسميها في الماضي كشف الهيئة. وبالصدفة يومها قمنا المرور على اختبارات المقابلة او كشف هيئة للشباب والشابات الجدد المنضمين لوزارة التربية والتعليم بوجود عناصر من الوزارة يحضر هذه الكشوفات ووجدت ان الفريق اشرف قد قام بوضع نظام او system لهذا النوع من الاختبار. حيث انتهى مفهوم الواسطة او بمعنى اصح انتهت فكرة الضابط علي وابنة الباشا انجي في فيلم رد قلبي. فهناك نظام جديد ثابت بدءا من الاختبارات القبول في الكليات العسكرية وباقي عناصر الدولة. وهناك طاقم ثابت محدد يقوم بتنفيذ هذه الاختبارات كلها الطبية والرياضية والنفسية واخيرا اختبار المقابلة الشخصية.
لذلك شعرت بمنتهى السعادة وانا استمع الى المتقدمات لشغل منصب التدريس في المدارس المصرية. وكانت سعادتي اكثر ان ارى كيف يتم اختيار هؤلاء المدرسين الجدد الذين سيتعاملون مع الطلبة من شباب مصر في المدارس الحكومية. وحقيقي كانت الاختبارات رائعة وشعرت ان النتائج ستكون اروع في ان يصبح لدينا جيل جديد من اعضاء هيئة للتدريس في المدارس المصرية الحكومية قد تم انتقاؤهم على احدث النظم العلمية والطبية والنفسية والرياضية.
والحقيقة أن الفريق أشرف زاهر قد أحدث طفرة كبيرة على الجانب العلمي للأكاديمية، فصار الطالب يتخرج فيها، بعد أربعة سنوات من الدراسة، حاملاً شهادة عسكرية وأخرى علمية، إما الليسانس أو البكالوريوس، وفقاً للتخصص، سواء الاقتصاد والعلوم السياسية، أو النظم الإدارية، أو الحاسبات الآلية، وغيرهم من التخصصات، المهم أن يتخرج ضابط المستقبل متسلحا بالعلم والتكنولوجيا الحديثة. وفي العام الماضي، نالت الأكاديمية شهادة الأيزو الدولية في مجال الإدارة والتدريب.
وتشير شهادة الأيزو (ISO) إلى جهة إصدارها، وهي “المنظمة الدولية لتوحيد القياس”، أو “International Organization for Standardization”، وهي منظمة دولية مستقلة، غير حكومية، مهمتها وضع وتطوير معايير ضمان جودة المنتجات، والخدمات، والأنظمة، وسلامتها، وكفاءتها، وإصدار شهادة باعتمادها، في الجهات التي يجري عليها اختبارات التقييم. وعليه فإن حصول جهة ما على شهادة الأيزو، إنما هو اعتماد دولي لنظم الإدارة بها، وفقاً لمعايير القياس الموحد، وإقرار بضمان جودة منتجها النهائي. وتعتبر شهادة الأيزو 9001، أكثر شهادات الأيزو شيوعاً، لأنها توضح التفاصيل القياسية للجهة محل الاختبار.
وبعدها جاءت فترة المحاضرة وسعدت عندما وقفت امام 1500 طالب كل هذه الجهات الكليات العسكرية ممن سيدافعون عن ارض بلدي مستقبلا. وتذكرت السنوات الماضية وانا طالب في الكلية الحربية ولم يتسنى لنا في هذه الفترة ان نستمع لمثل هذه المحاضرات. ولكن الان جاء الفريق اشرف زاهر ليضع اسلوب جديد لطلبة القوات العسكرية وهو توعيتهم بمفاهيم الامن القومي المصري والمخاطر التي تهدد مصر من كافة الاتجاهات الاستراتيجية. وها هم طلبة الكليات العسكرية، و الشباب الجدد من وزارات الخارجية والهيئات القضائية والمهندسين من وزارة النقل الذين سيقودون احدث القطرات العالمية في مصر ثم ابناء الرقابة الادارية. واخيرا شباب وزارة التربية والتعليم مدرسيين الغد في المدارس الحكومية.
ومع نهاية المحاضرة كانت الاسئلة من الطلبة تؤكد نجاح خطة الفريق اشرف زاهر فلقد كانت الاسئلة توضح المستوى العلمي المتميز لهؤلاء الطلبة، من تفاهم كل منهم لأبعاد الامن القومي المصري وايمان كل منهم بالأخطار التي تهدد مصرنا العزيزة. ولقد حكيت للفريق اشرف زاهر انني حاضرت طلبة وزارة الخارجية منذ سنتين وبعد المحاضرة تبادلت مع الطلبة وسائل الاتصال ايميل Email، وقلت لهم انني كنت ملحق عسكري في تركيا واعرف مدى احتياج اي ممكن منكم وهو في الخارج لاي طلب فانا مستعد للمساعدة في اي وقت.
وكانت المفاجأة انني في الاسبوع الماضي تسلمت رسالة من احد الخريجين الذي تم تعيينهم في اخد السفرات في الخارج. وكانت رسالة مطولة اكثر فيها وانه فور انضمامه لهذه الدورة لم يكن سعيدا بذلك. لكنه الان وهو في احد السفارات المصرية في الخارج خلال عمله هناك يقول اعتقد انني تعلمت الكثير خلال فترة الكلية الحربية. ولقد اضافت لشخصيتي الكثير والكثير. واشعر انني متميز عن الاخرين فلقد أصبحت اكثر انضباطا وعلما وفكرا وأصبحت قادرا على كتابة التقارير بطريقة علمية خاصة في مجال التحليلات كل هذا تعلمته في فترة الكلية الحربية .
تلك كانت الرسالة واعتقد ان الفريق اشرف زاهر كان سعيدا بهذه الرسالة. لأنه شعر ان الفكرة حققت الهدف منها. وهكذا خرجت من الكلية الحربية في ذلك اليوم ومعي درع الكلية اتشرف به وخرجت ومعي الامل ان الشباب المصري في الفترة القادمة سيحقق لمصر التقدم في كافة المجالات وعاشت مصر حرة كريمة.