إطلالة على معرض القاهرة الدولي للكتاب
لواء دكتور/ سمير فرج
عرس ثقافي في مصر كل عام هو معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يحتفل بدورته هذا العام رقم 55، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض للكتاب في العالم، بعد معرض فرانكفورت، حيث يزور المعرض كل عام حوالي مليون شخص لذلك يعتبر حالياً أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط. يحقق المعرض هذا العام إمكانية شراء ما تطلبه من الكتب بطريقة أونلاين من خلال دخولك على موقع المعرض على شبكة الإنترنت. ولقد شهد المعرض في اليوم الأول لافتتاحه للجمهور حوالي 200 ألف زائر، ولقد كنت محظوظ بتواجدي في ذلك اليوم حيث كان لي ندوتين فيه، ولكن سعادتي بأن أرى مهرجان للأسرة المصرية حيث رأيت الأب والأم ومعهم الأبناء من مختلف الأعمار، وكانت سعادتي بالغة وأنا أرى الجميع يخرج ومعه حقيبة المشتروات، والبعض كان يسحب معه حقيبة سفر يجرها بالعجلات أي أنه قادم لشراء مجموعة من الكتب المختلفة، ورغم الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، فإن الجميع جاء للشراء، أي أن المعادلة الجديدة أن الثقافة لها نفس القدر من الأهمية كالطعام والشراب للأسرة المصرية.
والحقيقة أننا يجب أن نتوجه بالشكر للدولة المصرية ورئيسها عبد الفتاح السيسي الذي أنشأ مركز المؤتمرات والمعارض الجديدة التي تليق بحضارة مصر، هذا المكان الذي استضاف منذ شهر معرض السلاح الدولي لمصر، فكانت مصر في حاجة لمثل هذا المكان الذي يليق بعظمتها ومكانتها بين دول العالم، وخاصة هذا التنظيم الرائع الذي يلي احتياجات كافة الزائرين، بدءاً من دورات المياه النظيفة والسلالم المتحركة والقاعات الكبيرة والمطاعم التي تقدم الوجبات لكل المستويات وأماكن الاستعلامات. وكانت مفاجأة هذا العام أن تذكرة الدخول بخمسة جنيهات وأعتقد أنها لفتة كريمة من السيدة وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني بهذا القرار ليسمح للأسر أن تقضي يومها في المعرض دون أن تتحمل عناء قيمة تذكرة الدخول ليكون رحلة ثقافية للأسرة كلها.
وكانت سعادتي أكبر وأنا أشاهد أرقام العربات حيث وجدت منها أعداد كبيرة من محافظات خارج القاهرة مما يدل على أن الزوار من كافة ربوع مصر وخاصة أتوبيسات الرحلات التي كانت تملأ المكان وتحمل أبناء مصر من كل المحافظات. ونعود إلى أنشطة المعرض حيث أقامت هيئة الكتاب هذا العام فكرة جديدة بإصدار مشروع سلسلة حكايات النصر بمناسبة مرور خمسون عاماً على حرب أكتوبر 1973 المجيدة. وتشرفت أن أكون المشرف العام على هذه السلسلة التي ستقوم بتوثيق كل إصدارات وبطولات نصر أكتوبر من اتجاهات القوة الناعمة المصرية، ويقصد بها الأدبية والفنية خاصة بعد مرور خمسون عاماً بهدف الحفاظ على هذا التراث المصري الذي يؤرخ تاريخ الأمة المصرية في أهم فترات حياتها منذ نكسة 1967 ثم فترة حرب الاستنزاف 6 سنوات ثم الإعداد للحرب وفترة الحرب وما تلاها من أحداث عاشها الشعب المصري بكل فئاته. وقررت الهيئة العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد البهي أن يتم تدشين اجتماع وعمل هذه اللجنة مع أولى أيام معرض الكتاب، وتولت أمانة هذه اللجنة الدكتورة هدى أنور وأدارت لقاء جلسة الافتتاح بحضوري ومعي كل من الدكتور سيد علي إسماعيل والدكتور طارق الطاهر والدكتورة سهى رجب الأديبة في مجال الأدب العبري والإسرائيلي. وقد عرض الدكتور سيد إسماعيل في البداية الأعمال المسرحية التي تناولت هذه الحقبة من الزمن ومنها أعمال تم عرضها وأعمال لم يتم عرضها. ثم تحدث الدكتور طارق الطاهر عن مجمل الأعمال الأدبية خلال هذه الفترة خاصة أنخا ازدهرت مع وجود مجلة أخبار الأدب التي كان يرأسها الأديب الراحل جمال الغيطاني. ثم تناولت الإعلامية الدكتورة سهى رجب في كتابها الخاص بالأدب العبري والإسرائيلي الذي عرض وجهة نظر القوة الناعمة من خلال رؤية الجانب الإسرائيلي. وهكذا كانت البداية لتجميع ذلك التراث الثقافي الرائع لشعب مصر خلال فترة عظيمة من أهم فترات هذه الأمة والتي سيتم استكمالها بإذن الله طوال هذا العام ليتم تقديمها كمنظومة كاملة في معرض العام القادم لتكون موروث شعب مصر في ثقافة حرب 1973 العظيمة.
وفي الاتجاه الآخر كانت جلسة عرضت فيها كتابي الأخير “شاهد على حرب أكتوبر 1973” في جلسة اشترك معي فيها اللواء محمد هلال مدير إدارة الحرب الكيماوية الأسبق واللواء علي الببلاوي والدكتور محمد عبد الشافي وجميعهم من أبطال حرب أكتوبر 1973. حيث عرضت في كتابي المكون من مقدمة وسبعة فصول نكسة يونيو 1967 ثم حرب الاستنزاف ثم إعداد مصر لحرب أكتوبر، وشرح الفصل الخامس كيف غيرت حرب أكتوبر مصر والعالم كله من الناحية العسكرية، وأخيراً تخليد حرب أكتوبر والجيش المصري بعد خمسين عاماً من حرب أكتوبر. ولقد اعتمدت في كتابي على كوني شاهد على جميع مراحل هذه الحرب منذ كنت ضابطاً صغيراً في يونيو 1967 على خط الحدود في الكونتلا، ثم 6 سنوات قائد سرية على الخط الأمامي في قناة السويس، ثم مرحلة الإعداد للحرب وكنت أصغر ضابط في غرفة عمليات حرب أكتوبر، وبعدها طالباً في بريطانيا حيث تابعت ماذا قدمت حرب أكتوبر للفكر العسكري العالمي. وأخيراً رؤية لتطور القوات المسلحة في العصر الحديث منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد. حيث أصدر قرار تنويع مصادر السلاح وهو أهم قرار كنا ننتظره منذ سنوات فلم يعد اعتمادنا على السلاح الأمريكي فقط بل أصبح اعتمادنا على أسلحة من فرنسا، مثل الرافال والميسترال والفرقاطات، ثم المانيا من خلال أحدث 4 غواصات و4 فرقاطات منهم واحدة تصنع في مصر في الترسانة البحرية في الإسكندرية، ثم فرقاطات من إيطاليا، وطائرات ميج 29 من روسيا، ومسيرات من الصين، ومدافع من كوريا الجنوبية. وبذلك أصبحت مصر أكبر قوة عسكرية في أفريقيا والعالم العربي وثاني أكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط بعد تركيا وتسبق إسرائيل وإيران وباقي دول المنطقة. ولعل الأحداث في المنطقة مؤخراً وبالذات حرب غزة أوضحت للجميع ضرورة أن تكون لمصر قوة عسكرية تحمي حدودها واستثماراتها وهذا ما أكدته في عرض كتابي “شاهد على حرب أكتوبر 73.”