المصري اليوم

مصر تبدأ عامًا جديدًا.. والتهديدات من حولها

٣٠ ديسمبر ٢٠٢٣

لواء دكتور / سمير فرج 

 

تدخل مصر عامها الجديد في 2024، والتهديدات تحيط بها من كل اتجاه، وأعتقد أن التاريخ لا يذكر أن تعرضت مصر لكل هذه التهديدات من كافة الاتجاهات الاستراتيجية في وقت واحد، مثلما يحدث الآن.

 

 

ونبدأ بالاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى، حيث نجد أن الحرب الإسرائيلية مع فصائل المقاومة في غزة، والتى لم يكن أحد يتوقع لها أن تدوم أكثر من أسابيع. وهى الآن تدخل الشهر الثالث، ولا أحد يعرف أين ومتى وكيف ستنتهى. رغم أن هذه الحرب قد حققت حتى الآن الكثير من الخسائر، حيث إن حوالى 40% من منازل غزة قد تم تدميرها، وتشريد أكثر من مليونين من أهالى غزة، مع استشهاد أكثر من 20 ألف فلسطينى، وجرح أكثر من 150 ألفا.

 

وعلى الطرف الآخر، خسرت إسرائيل العديد من قتلاها من المدنيين والعسكريين، مع وجود الرهائن الإسرائيليين في يد المقاومة، وعندما نبحث عن السلام الدائم فإنه يبدو بعيدا حتى الآن، لأن إسرائيل لم تحقق أيا من أهم أهدافها التي دخلت بها الحرب، وهى القضاء على حماس وتحرير الرهائن واحتلال غزة، بينما حققت المقاومة الفلسطينية انتصارا عظيما لم تكن تحلم به، واستطاعت أن تضع جيش الدفاع الإسرائيلى في صورة سيئة أمام الشعب الإسرائيلى ومع أنظمة المخابرات الثلاثة هي الموساد والشاباك وأمان.

 

والآن الكل يبحث عن نهاية لهذه الحرب حيث حاولت إسرائيل ترحيل أهالى غزة إلى سيناء، وفشلت أمام إصرار الرئيس المصرى على منع ذلك. كما أنها تحاول أن تكون لها السيطرة على غزة بعد الحرب، ولكنها توقفت أمام رفض مصر لذلك الرأى وأيدتها الولايات المتحدة الأمريكية وباقى الدول العربية.

 

والآن يقف الجميع أمام السؤال الهام: ما هو الحل؟.. حيث تعمل مصر مع قطر للوصول إلى حل لإيقاف القتال وتبادل الأسرى، بينما ترفض إسرائيل ذلك، ولكن الولايات المتحدة رغم إعلانها عن تأييد إسرائيل في استمرار القتال حتى القضاء على حماس، لكنها ترى سرعة إنهاء القتال مع نهاية شهر يناير، مع دخول بايدن حملته الانتخابية أمام الرئيس الأسبق ترامب، الذي تفوق على بايدن في الأسابيع الماضية بسبب أحداث غزة.

 

وعلى ذلك أعتقد أننا في شهر يناير، سنصل إلى إيقاف القتال، والبدء في وجود قيادات جديدة في الضفة الغربية وغزة، بعد إجراء انتخابات جديدة بين الفلسطينيين، حيث ترى الولايات المتحدة ذلك، لكن سيظل هذا الاتجاه مصدر تهديد للأمن القومى المصرى في الفترة القادمة، ما لم يتم الوصول إلى حل شامل، للقضية الفلسطينية في إطار الدولتين، دولة فلسطينية حدودها 4 من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية في كل من غزة والضفة الغربية.

 

ثم يأتى الاتجاه الاستراتيجى الغربى، نجد أن ليبيا ما زالت في حالة انقسام، هناك رئيس وزراء في غرب ليبيا في طرابلس العاصمة، ورئيس وزراء في بنى غازى، ومعه البرلمان الليبى، وحتى الآن لم ينجح الطرفان في تحديد توقيت لتنفيذ انتخابات لرئيس الجمهورية والبرلمان الجديد، لتحقيق استقرار للبلاد، لكن ذلك لن يتم مع وجود أكثر من 20 ألفا من المرتزقة تم تجميعهم من شمال سوريا وشمال إفريقيا، ووجود القوات العسكرية التركية في قاعدة بحرية وجوية، وبالطبع هذه الأمور تهدد الأمن

القومى المصرى.

 

وفى الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى، نجد أن السودان دخل النفق المظلم بالقتال بين الجيش السودانى. بقوة 200 ألف مقاتل، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتى بقوة 100 ألف مقاتل، وأصبح السودان مقسما؛ حيث قوات الدعم السريع تسيطر على مساحة كبيرة من الخرطوم، وقوات الجيش السودانى انتقلت إلى شرق السودان في بور سودان، وأصبح هناك أكثر من 5 ملايين سودانى تركوا منازلهم وأصبحوا مشردين، وأصبحت المستشفيات غير قادرة على تقديم أي دعم طبى للمواطنين. ورغم الجهود التي تبذلها مصر والسعودية والاتحاد الإفريقى والإيجاد فإنها لم تصل حتى الآن إلى أي نتيجة، وهذا بالطبع يمثل خطرا مباشرا للأمن القومى المصرى.

 

وفى اتجاه الجنوب أيضا، هناك مشكلة سد النهضة التي وصلت إلى طريق مسدود، بعد عدم التوصل لأى نتيجة في مباحثات اللقاء الثالث بين الوزراء في مصر والسودان وإثيوبيا، بسبب تعنت الجانب الإثيوبى، وأعلنت مصر إغلاق باب المفاوضات تماما مع الجانب الإثيوبى، وستبدأ مصر مستقبلا في اتخاذ إجراءات أخرى للحصول على حقها من

الأمن المائى.

 

ويجىء في الجنوب أيضا التهديد الجديد، حيث قام الحوثيون بإغلاق باب المندب تحت ادعاء تهديد الملاحة الإسرائيلية إلى إيلات من باب المندب، ورغم تكوين الولايات المتحدة قوة تحالف الدولية للتصدى لتهديد الحوثيين من المسيرات والصواريخ الباليستية من خلال القواعد العسكرية الموجودة في جيبوتى فإن العديد من السفن بدأت تتجه الآن إلى المرور من خلال رأس الرجاء الصالح، وبالطبع ذلك يصبح تهديدا جديدا للأمن القومى المصرى، لكنى أعتقد أن هذا التهديد لن يستمر أكثر من أسابيع قليلة.

 

وفى اتجاه الشمال في البحر المتوسط فإن مصر قد نجحت في ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، الأمر الذي أزعج تركيا.

 

إن الولايات المتحدة أعلنت أن نفط الخليج أمامه 15 عاما قادما حتى ينفد، بينما غاز شرق المتوسط سوف يصل إلى 50 عاما، الأمر الذي سيكون مطمعا للجميع. خاصة تركيا، التي فقدت الجزر التركية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.

 

ولعل قيام إسرائيل بالاستيلاء على البلوك رقم 9 في المياه اللبنانية الاقتصادية، بسبب عدم وجود قوة بحرية لبنانية تحمى حقوق لبنان، لذلك، يصبح الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى لمصر في منطقة شرق الأبيض المتوسط، مطمعا جديدا في الأيام القادمة، خصوصا بعد رفض الحكومة الليبية في طرابلس، الموافقة على ترسيم الحدود البحرية بين مصر وليبيا، الأمر الذي سيمنع الشركات العالمية من التنقيب في تلك المنطقة، ولذلك قامت مصر في السنوات الماضية بإنشاء القاعدة العسكرية غرب الإسكندرية (قاعدة محمد نجيب) لتأمين اتجاه الغرب مع ليبيا. ثم قاعدة 2 يونيو البحرية لتأمين منطقة شرق المتوسط، خاصة بعد امتلاك مصر ثلاث فرقاطات جديدة من ألمانيا، والقطعة الرابعة تصنع في ترسانة الإسكندرية، وأربع غواصات من ألمانيا وفرقاطات من فرنسا وإيطاليا، وحاملات

الطائرات المسترال.

 

وهكذا نقول، كان الله في العون مع مصر، والقيادة السياسية المصرية التي تتعامل مع كل هذه التهديدات في الاتجاهات الأربعة في وقت واحد، لتجنب مصر الدخول في أي حروب، مع استمرار عمليات تطوير البلاد في كافة الاتجاهات، وكلنا أمل أن يحمل معه العام الجديد 2024 السلام والاستقرار ليس لمصر فقط لكن للمنطقة كلها والعالم، بعد أن عانى الجميع من ويلات الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الفلسطينية في الأعوام الماضية 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى