المصري اليوم

أبعاد الحرب الروسية الأوكرانية فى ظل الحرب الإسرائيلية على غزة

 

السبت 18-11-2023 

لواء/ سمير فرج 

فجأة اندلعت يوم السابع من أكتوبر 2023 أحداث طوفان الأقصى فور هجوم عناصر حماس في قطاع غزة على الجيش الإسرائيلى في مفاجأة لكل الأطراف سواء كانت لإسرائيل أو حتى لكل دول العالم.

 

وبدأت كل وسائل الإعلام في العالم تتابع نتائج ما يحدث على أرض غزة خاصة بعد نجاح حماس في ضرباتها الأولى على إسرائيل وبدأ في نفس الوقت اختفاء الرئيس الأوكرانى زيلينسكى من على وسائل الاعلام بعد أن كان يوميا على شاشات الأخبار في كل أنحاء العالم.

 

بعد أن تربعت الحرب الروسية الأوكرانية على الأحداث طوال عامين تقريبا، خاصة بعد تأثيراتها على الاقتصاد التي خلفتها هذه الحرب على كل دول العالم لذلك جاءت أخبار الأحداث في غزة والضربات التي قامت بها إسرائيل ضد المواطنين الأبرياء، الأمر الذي هز شعور كل شعوب العالم، خاصة في أوروبا وأمريكا، رغم موقف حكومات هذه الدول من تأييد مطلق لإسرائيل ضد شعب غزة. لذلك، تحول الاهتمام العالمى من متابعة الحرب الروسية الأوكرانية إلى ما يحدث على أرض غزة.

 

وبمتابعة ما يحدث الآن في مسرح عمليات الحرب الروسية الأوكرانية، نجد أن الأوضاع هناك توقفت بعد فشل هجوم الربيع الأوكرانى على الدفاعات الروسية، وسبق أن توقعنا ذلك منذ بداية هذا العام لعدة أسباب، أولا، أن السيطرة الجوية على ميادين القتال في أوكرانيا للقوات الروسية، كذلك فإن القوات الروسية كثفت طوال الشتاء الماضى من تقوية نظام دفاعاتها من حيث العديد من الخطوط الدفاعية طبقا للعقيدة الروسية مع حقول الألغام الكثيفة ووجود مناطق لقتل الدبابات وخطوط الهجمات المضادة للاحتياطيات ورغم وصول الأسلحة والمعدات التي دعمت بها أمريكا أوكرانيا.

 

وكذلك أسلحة الدعم من باقى دول حلف الناتو، إلا أن هذه الأسلحة كلها، كما سبق أن ذكرت من قبل، أسلحة دفاعية، وكانت بأعداد قليلة. لذلك، لم تنجح أوكرانيا في تحقيق أي نجاحات للقيام بالهجوم المضاد، واستمر تمسك القوات الروسية في الأربع مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابورجيا وخيرسون.

 

وقامت روسيا خلال الفترة الماضية بعمل استفتاء لشعوب هذه المناطق الأربع. حيث قامت بضمها إلى روسيا، وبدأت في تغيير هويات شعب هذه المناطق الأربع، خاصة في السجلات والقوائم في هذه المقاطعات، لذلك يبرز السؤال، في إطار كل هذه التحولات حاليا ما هي الأحداث المتوقعة خلال الفترة القادمة؟ خاصة أن هذه المناطق سوف تدخل في شتاء قارس مع هبوط الثلج، حيث سيصبح قتال القوات الأوكرانية صعبا خلال تلك الفترة، لذلك سوف تنتهز روسيا هذه الفترة القادمة كما حدث في الماضى لإعادة تقوية الدفاعات بزيادة التجهيز الهندسى والعمل على استمرار انضمام هذه المناطق بأفرادها إلى روسيا.

 

أكثر وأكثر، وأعتقد أن الوقت حاليا أصبح في صالح روسيا، لأنه كلما مر الوقت قويت شوكة التواجد الروسى في هذه المناطق الأربع، خاصة دخول الأهالى في تلك المناطق، في الكيان الروسى خاصة بعد تغيير المناهج في المدارس حتى وصل الأمر إلى تغيير أسماء الشوارع وعلامات المرور، لذلك يمكن أن يقال إن الروس سعداء بهذا الوضع الذي يعنى استمرار بقائهم في هذه المناطق.

 

وعلى الطرف الآخر نجد أن أوكرانيا أصبحت في موقف صعب بعد أن هبط تعاطف أمريكا ودول حلف الناتو، ولم نعد نسمع كما في الأيام السابقة عن أي دعم عسكرى أو سياسى أو حتى اقتصادى إلى أوكرانيا، خاصة أن الشعوب الأوروبية أيضا بدأت تشعر بالضيق من كثرة الدعم لأوكرانيا بدون فائدة، وتحمل هذه الدول تكاليف الأعباء الاقتصادية التي نجمت عن هذه الحرب.

 

ولا ننسى أن الأيام القادمة. وبعد شهر، ستدخل أمريكا العام الجديد، ومعها تبدأ المعركة الانتخابية على كرسى الرئاسة بين الرئيس جو بايدن، وغالبا الرئيس الأسبق ترامب مرشح الحزب الجمهورى، حيث سيحسب لأى مرشح، أي سقطة في الفترة القادمة، ومن هنا سيكون التحرك نحو الحرب الروسية الأوكرانية صعبا ومحسوبا للغاية، خصوصا من حيث استمرار الدعم العسكرى والاقتصادى، والذى يمكن أن يؤثر على الاقتصاد الداخلى للولايات المتحدة.

 

ومن هذا المنطلق سيبدأ الجميع في البحث عن الوصول إلى حل لهذه المشكلة من خلال التفاوض، والدخول في مباحثات سلام خاصة أن أوكرانيا لن تجد لها في الفترة القادمة الدعم الذي كانت تتلقاه من أمريكا والدول الأوروبية، ويمكن القول إن أول مطالب روسيا للتوقيع على معاهدة سلام مع أوكرانيا هو اعتراف أوكرانيا بأحقية روسيا في شبه جزيرة القرم، وأن تتعهد أوكرانيا بعدم الانضمام لحلف الناتو مستقبلا، وألا تقوم بامتلاك السلاح النووى. كل هذه الشروط يمكن أن تقبلها أوكرانيا بعد الضغط عليها، من الولايات المتحدة ودول حلف الناتو.

 

ولكن تبقى مشكلة الأربع مقاطعات لوهانسك ودونيتسك وزابورجيا وخيرسون. التي ترى روسيا أنها انضمت إليها، وبالطبع سوف ترفض أوكرانيا ذلك، ويمكن هنا الرجوع إلى إجراء استفتاء كامل لهذه المقاطعات الأربع. تحت رعاية الأمم المتحدة.بين شعوب هذه الأقاليم لاستطلاع رأيها في الانضمام إلى روسيا، أو إلى أوكرانيا، وقد يبرز مقترح آخر أن تعطى أوكرانيا هذه المقاطعات الحكم الذاتى، وبالتالى تصبح تحت سيطرة أوكرانيا من حيث المبدأ العام في سبيل حصول روسيا على مطالبها بخصوص شبه جزيرة القرم. وعدم أو انضمام أوكرانيا إلى الناتو، الأمر الذي كان سببا لهذه الحرب، واعتقد أن ذلك الموضوع سيكون إحدى نقاط الاختلاف للوصول إلى حل سلمى.

 

وعندما نعود إلى مطلب أوكرانيا الأخير حول تحمل روسيا تكاليف الدمار الذي حدث في هذه الحرب داخل الأراضى الأوكرانية، خاصة البنية الأساسية، أعتقد أن الولايات المتحدة. ودول حلف الناتو يمكن أن تتكفل بهذه التكلفة بعمل صندوق لإعادة إعمار أوكرانيا مثل صندوق مارشال الذي تم في الحرب العالمية الثانية وبهذا يمكن أن تحل معظم المشاكل التي أدت لها الحرب، وأعتقد أن هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق الذي احتفل هذا العام بعيد ميلاده المئوى كان سبق واقترح بعض هذه الحلول خلال بداية العام الماضى.

 

ولكن لم تتم الموافقة عليها خاصة من زيلينسكى الذي علق على هذه المقترحات بأنها صدرت من رجل تخطى السن، لكن هذه الأيام، وطبقا للمعطيات الجديدة، يمكن أن تكون نهاية أشرس حرب في القرن الـ20 في أوروبا، والتى أثرت اقتصاديا على كل دول العالم، بعد بدء محادثات سلام والوصول إلى حل سلمى من خلال مباحثات تحت رعاية الأمم المتحدة، وأعتقد أنه بنهاية هذه الحرب سوف يعود الاستقرار بحق لكل دول العالم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى