مجلة المصور

الحرب الروسية الأوكرانية تدخل عامها الثاني

 

الحرب الروسية الأوكرانية تدخل عامها الثانى

 

بقلـم: لواء د. سمير فرج

 

أيام وتدخل الحرب الروسية عامها الثاني، هذه الحرب رغم أنها بين دولتين فقط هماروسيا وأوكرانيا إلا أنها أثرت على كل دول العالم سواء كانت الدول الغنية أو الفقيرة، هذه الحرب التى بدأت يوم 24 فبراير 2022، عندما أعلنت أوكرانيا أنها ستنضم إلى حلف الناتو الأمر الذى وجدت فيه روسيا تهديدا لأمنها القومى بوجود قوات من 28 دولة على حدودها المباشرة، وحاولت روسيا بشتى الطرق إثناء أوكرانيا عن فكرة انضمامها إلى حلف الناتو. ولكنها فشلت، لذلك نفذت عملياتها الهجومية ضد أوكرانيا، وبعد تسعة شهور من الحرب نجحت روسيا فى الاستيلاء على 20 فى المائة من الأراضى الأوكرانية حيث شملت مناطق لوهانسك دونتسيك زابورجيا خيرسون. بل قامت روسيا بإعلان ضم هذه المناطق إليها. بعد إجراء استفتاء بين سكان هذه المناطق حيثإن معظمهم يتحدث اللغة الروسية.

 

وخلال ذلك العام كانت استراتيجية الولايات المتحدة أن تدير أوكرانيا حربا دفاعية بهدف استنزاف الاقتصاد الروسي. لذلك كان الدعم الأمريكى ودول حلف الناتو لأوكرانيا. عبارة عن أسلحة دفاعية مداها من 3 إلى 5 كيلو من صواريخ جلفان المضاد للدبابات واستنجر المضاد للطائرات وحتى عندما دعمت أمريكا أوكرانيا بصواريخ هيمارس والتى يبلغ مداه من 70 إلى 80 كيلو اشترطت الولايات المتحدة على أوكرانيا ألا تستخدم هذه الصواريخ لضرب العمق الروسي. وبالفعل التزمت أوكرانيا بهذه الشروط. وخلال ذلك العام تعرضت دول العالم لأزمات اقتصادية بسبب نقص الحبوب من الذرة والزيوت والأسمدة. حيث إن ثلث إنتاج العالم من هذه الأصناف من روسيا وأوكرانيا وكذلك تعرض العالم لأزمة الغاز والنفط، حيث إن روسيا هى أكبر دولة لإنتاج الغاز فى العالم، وبالطبع قل المعروض وزاد السعر فتأثرت بذلك معظم الدول مما أثر فى زيادة التضخم وارتفاع الأسعار وزيادة البطالة فى كل دول العالم.

 

ومع دخول الشتاء تغيرت استراتيجية روسيا حيث عمدت إلى عدم القيام بعمليات هجومية رئيسية، والاكتفاء بتحسين موقف قواتها على الخطوط الدفاعية التى وصلت إليها، وأصبح هدفها هو الاستيلاء على خاركيف من وجهة نظر تكتيكية. لأنها عقدة مواصلات هامة فى المنطقة كما قامت بتدمير البنية الأساسية التحتية المدنية الأوكرانية، وبالذات الكهرباء، حيث وصل عدد المحرومين من الكهرباء فى أوكرانيا إلى 9 ملايين أسرة فى الشتاء القارس. كذلك ركزت روسيا على تضييق الخناق على إمداد الدول الأوروبية بالغاز لإجبار شعوب هذه الدول على الثورة ضد حكوماتها، بسبب دعم أوكرانيا فى حربها ضد روسيا، وبدأت روسيا خلال هذه الفترة، بالاستعداد لهجوم شامل أمام أوكرانيا فى الربيع القادم عندما يذوب الجليد، وتصبح الطرق والمحاور أكثر صلاحية لتقدم القوات وسهولة الإمداد بالذخيرة، والمواد اللوجستيكية.

 

وأخيراً بدأ الغرب فى العمل على إمداد أوكرانيا بأسلحة هجومية تمثلت بإمدادها بالدبابات ليوبارد الألمانية وهى دبابات قتال رئيسية، كذلك قيام أمريكا بإمدادها بالدبابات M1A1 ابرامز وهى أحدث ما هو موجود فى الترسانة الحربية. كذلك بريطانيا بإمدادها بدبابات تشالنجر ومن فرنسا دبابة الاستطلاع أم أكس وفى نفس الوقت قامت أمريكا بتزويد أوكرانيا بصواريخ الباتريوت المضادة للطائرات كذلك شجعت إسرائيل على إمداد أوكرانيا بأسلحة هجومية ولعل أهمها نظام القبة الحديدية كذلك دبابات من قطر وبولندا وكندا.

 

ولقد طلبت أوكرانيا أيضا طائرات إف 16 أمريكية لكن حتى الآن تحفظت أمريكا والدول الأخرى على ذلك الطلب حيث إن هذه الطائرات تحتاج إلى تدريب كبير للأطقم الأوكرانية، ورغم أن هذه الأسلحة الهجومية الجديدة من الدبابات من أنواع متطورة إلا أن حجم الدبابات المنتظر. وصولها إلى أوكرانيا حوالى 150 دبابة، وسوف تدخل المعركة، ليس قبل الربيع القادم. نظرا لحاجة الأطقم الأوكرانية للتدريب عليها لأن تسليح الجيش الأوكرانى فى السابق كانت دبابات روسية، كذلك فإن هذه الأعداد لن تحقق للجيش الأوكرانى نسبة تفوق للقيام بعمليات هجومية لاستعادة الأراضى التى فقدها فى العام الماضي. لذلك من المنتظر تأخرها فى اللحاق بالعمليات فى الربيع القادم.

 

لذلك بدأ العالم ينتظر الأيام القادمة نحو هذا الصراع حيث يأمل الجميع أن يتم التوصل لاتفاق سلام بين هذه الأطراف الأوكرانية والروسية، خاصة أن شروط روسيا واضحة وأعلنتها قبل الدخول فى أى عملية سلام وهى أربعة شروط أن تصبح أوكرانيا دولة محايدة مثل سويسرا ويتم نزع سلاحها والشرط الثانى عدم انضمام أوكرانيا لأى حلف دفاعى وخاصة حلف الناتو. والشرط الثالث عدم امتلاك أوكرانياقنبلة نووية. أما الشرط الرابع فهو أن تعترف أوكرانيا بحق روسيا فى شبه جزيرة القرم والأربع مناطق التى استولت عليها وضمتها مؤخرا.

 

وتجيء الشروط الأوكرانية فى أربعة عناصر. أولا انسحاب روسيا من كافة الأراضى الأوكرانية التى احتلتها بعد 24 فبراير2022، والشرط الثانى أن تتعهد روسيا للأمم المتحدة بعدم القيام بأى عمليات هجومية جديدة نحو أوكرانيا فى الفترة القادمة. وثالثا اعتراف روسيا بخطئها. فى الهجوم على أوكرانيا، ورابعا أن تتعهد روسيا بتعويض أوكرانيا عن خسائرها المدنية فى تلك الحرب، ورغم صعوبة مطالب كل طرف من الأطراف إلا أنه يمكن الوصول إلى حل توافقى على مائدة المفاوضات خاصة أن العام القادم سوف تكون الولايات المتحدة غير قادرة على تقديم الدعم العسكرى والمادى إلى أوكرانيا مثل العام الماضى بعد أن حقق حزب الجمهوريين الأغلبية فى الكونغرس ضد الحزب الديمقراطى للرئيس بايدن حيث سيرفض الكونغرس الأمريكى فى الفترة القادمة أى دعم جديد لأوكرانيا مقدم من الرئيس جو بايدن، حيث يرى الكونغرس أن الدعم العسكرى لأوكرانيا. يقدم من أسلحة ومعدات منالاحتياطى الاستراتيجى للجيش الأمريكي. الأمر الذى سيضعف من الأمن القومى الأمريكي، وهو نفس الوضع بالنسبة للدول الأوروبية. حيثإن استعواض الأسلحة التى تقدم إلى أوكرانيا سوف تكون من خلال سنة بعد التعاقد مع المصانع الحربية.

 

لذلك ينتظر الجميع ويحلل ماذا سيحدث فى الربيع القادم خاصة أن روسيا أعلنت أنها سوف تقوم بعملية هجومية شاملة ضد أوكرانيا. وطبقا للتحليلات فإنه منتظر أن تركز روسيا هجومها للاستيلاء على ميناء أوديسا لتحرم أوكرانيا من أن يكون لها موقع قدم على البحر الأسود بعد أن فقدت موانيها على بحر أزوف. كذلك يمكن أن توجه روسيا ضرباتها خلال الربيع القادم ضد الاستيلاء على كييف العاصمة لإسقاط النظام الأوكراني. ورغم صعوبة هذه العمليات فى هذه الاتجاهات. لأنها ستكون حروبا ضد المدن حيثإن روسيا تعتمد على حجم النيران المتوفرة لديها حاليا من الصواريخ الباليستية الجديدة ومجموعة افاجنر، وسوف تستخدم أسلوب الأرض المحروقة،لذلك سوف يتيح لروسيا الاستيلاء على هذه المدن وسوف يعود العالم مرة أخرى إلى مشكلة نقص الحبوب وارتفاع أسعار الغاز والبطالة والتضخم. لذلك يأمل الجميع أن تبدأ سريعا فى الفترة القادمة مفاوضات سلام بين كل هذه الأطراف لوقف إطلاق النار. والوصول إلى تسوية سلمية لهذا النزاع بهدف أن يعود السلام للمنطقة وللعالم كله.

#المصور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى