حكاية 11يورو
٢ فبراير ٢٠٢٣.
حكاية 11 يورو
لواء دكتور/ سمير فرج
ساقتني الظروف، للسفر إلى ألمانيا، لإجراء بعض الفحوصات الطبية، الخاصة بآلام العمود الفقري، والتي كنت قد توقفت عن متابعتها، خلال العامين الماضيين، نتيجة لجائحة كورونا، وما ارتبط بها من إجراءات احترازية. وصلت مساء الأحد، من الأسبوع الماضي، إلى مطار شتوتجارت، واستقليت سيارة أجرة إلى الفندق، فكانت أولى المفاجآت، أن وجدت الطريق الرئيسي، “الأوتوبان”، أشهر وأهم طرق التحرك السريع في العالم، Highway، مظلم بالكامل، كما لاحظت أن حركة السيارات تكاد تكون منعدمة، فلما سألت السائق عن السبب، أجاب، باقتضاب، “نحن نعيش في أزمة، ويجب أن نتحمل”. ووصلت إلى الفندق، الذي اعتدت الإقامة فيه، إن دعتني الظروف للتواجد بألمانيا، فكانت المفاجأة الثانية، بأن الغرفة باردة، بصورة مبالغ فيها، فشلت معها كل محاولات تعديل درجة حرارتها، مما دفعني للاتصال بمسئول الصيانة بالفندق، الذي حضر للغرفة، على الفور، وأبلغته بتعطل جهاز التحكم، إلا أنه أكد لي سلامة الجهاز، وسلامة نظام التدفئة، مضيفاً بالإنجليزية “We are saving energy”، أي “نحن نقتصد في الطاقة”.
وفي صباح اليوم التالي، عند تناول الإفطار بمطعم الفندق، لاحظت أن البرودة ليست قاصرة على الغرف، وإنما على جميع أركان الفندق، فأنهيت إفطاري على عجل، وطلبت سيارة أجرة لأتوجه إلى المستشفى، ورغم أنه كان أول أيام العمل، إلا أن شوارع المدينة كانت خالية من السيارات، إلا الأجرة منها، وبالاستفسار، مرة أخرى، من السائق، ضحك قائلاً، “نحن نعيش حالة 11 يورو”، ولما بدا أنني لم أفهم ما يقصد، استطرد في الشرح قائلاً، “ألمانيا تعيش أزمة طاقة، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، التي نتج عنها توقف إمداد الغاز الروسي لألمانيا، والذي يمثل 50% من احتياجاتنا. لذلك أقرت الحكومة تذكرة موحدة، بقيمة 11 يورو، يستخدمها المواطن الألماني، طوال الشهر، في كافة أنواع المواصلات العامة؛ القطارات، والترام، ومترو الأنفاق، والأتوبيس. ونجح ذلك في تقليل اعتماد المواطنين على سياراتهم الخاصة، بعدما صارت تكلفة الذهاب للعمل، والعودة منه، طوال الشهر، تعادل قيمة ثلاث زجاجات مياه معدنية، في مقابل توفير ما تبلغ قيمته حوالي 700 يورو، شهرياً، عن السيارة الواحدة، قيمة الوقود وإهلاك السيارة، وما يرتبط بذلك من تكاليف الصيانة وقطع الغيار”.
واستطرد قائلاً إن ذلك القرار، حقق للحكومة الألمانية، في الشهر الأول لتطبيقه، توفير بلغ نحو 25% من استهلاك الوقود، ارتفع في الشهر الثاني إلى 30%. وبوعي منه، وأمام تحدي وفرة الطاقة، الذي