نظام تحديد المواقع العالمى
من أهم ما قدمته التكنولوجيا، فى العصر الحديث، هو نظام تحديد المواقع العالمي، أو Global Positioning System، الذى نتداوله، ونعرفه باسم (GPS)، وهو نظام ملاحى مقترن بالأقمار الصناعية، مهمته تحديد المواقع، وتحديد واجهتك، بدقة، والمدة التى ستستغرقها للوصول لوجهتك، بل واقتراح طرق بديلة فى أوقات الذروة المرورية، وظهورها باللون الأحمر على الخريطة، مع إمكانية توجيهك بالأوامر الصوتية، الصادرة من التطبيق، لتنعطف يميناً، أو يساراً، أو غيره، دونما انشغال بغير الطريق. كما يعّرفك التطبيق، كذلك، على كل الأماكن الشهيرة حولك، والخدمات المتاحة، سواء مطاعم أو مستشفيات أو مدارس أو صيدليات أو محطات وقود، أو محالا تجارية إلخ. وباستخدام ذلك التطبيق، يمكنك تسجيل وحفظ موقع عملك، أو أى أماكن تعتاد الذهاب إليها، على التطبيق الخاص بسيارتك، أو هاتفك المحمول، بدلاً من إدخال البيانات كل يوم، فأحدث هذا التطبيق طفرة هائلة فى عالمنا المتسارع الخطى فى المجالات التكنولوجية.
ولمعرفتى بالتطبيق ومميزاته، فلم أتعجب أثناء زيارتى للولايات المتحدة الأمريكية، عندما جاءنى التاكسى الأصفر، فى ولاية نيويورك، ليأخذنى من الفندق إلى مطار John F. Kennedy International Airport (JFK)، وبعد أن دخلت السيارة، نظر السائق إلى الشاشة المثبتة أمامه، قبل أن يقول لى إن الطريق التقليدى للمطار سوف يستغرق 30 دقيقة أكثر من المدة المعتادة، لهذه الرحلة، نظراً للزحام المروري، الواضح أمامه على الشاشة، مضيفاً أن التطبيق يقترح طريقاً آخر، هو أطول فى المسافة، ولكنه أقل كثافة مرورية، مما سيختصر لنا 30 دقيقة، ولكن بتكلفة تزيد ثلاثين دولاراً، تاركاً القرار لى لأختار أيهما.
جدير بالذكر أن نظام GPS ابتدعته وزارة الدفاع الأمريكية، إبان الحرب الباردة، لتوفير نظام ملاحى للجيش الأمريكي، وحلفائه، لتيسير وصول الطائرات، والقطع البحرية، إلى أهدافها، بدقة، فى مختلف الأحوال الجوية. ثم سمحت وزارة الدفاع الأمريكية بنقل هذا الفكر، والنظام، للاستخدام للمدنيين، حول العالم، دون أى تكلفة، أو أجر.، وهو ما ارتبط به، لاحقاً، الكثير من الأنظمة الإلكترونية فى العالم، مثل أنظمة بطاقات الائتمان، والصراف الآلي، التى لا يمكنها العمل دون نظام GPS.
وفى الآونة الأخيرة، ومع التطورات الكبيرة التى تشهدها مصر فى مجال الطرق والمدن الجديدة والكبارى والأنفاق، ظهرت مشكلة فى نظام الـ GPS العالمي، حيث أصبح غير قادر على مواكبة التغييرات الكبيرة، والسريعة، لدينا فى مصر، وبرمجتها على الخريطة العالمية، لهذا النظام، حيث إن تغييرات الطرق والبنية التحتية لدينا، تفوق المدة المحددة لتحديث النظام، وهو ما يجب على مسئولى وزارة الاتصالات، فى مصر، تداركه، من خلال الاتصال بمسئولى إدارة هذا النظام العالمي، فى الخارج، للعمل على سرعة إدراج هذه الطرق الجديدة بأسمائها. فمثلاً لو أنك استخدمت هذا التطبيق، اليوم، فلن تجد محور نفق الإسماعيلية الجديد على خريطة هذا النظام، ولن تجد امتداد محور كوبرى 6 أكتوبر إلى القاهرة الجديدة والتجمع الخامس.
وهو ما يعد من زاوية أخرى، إشادة بالمخطط المصري، الذى استطاع تنفيذ هذا الحجم من الطرق فى ذلك الوقت القياسي، وهو ما أظنه أعلى من المعدلات العالمية. وللعلم فان الخطة القومية لشبكة الطرق والكباري، يقوم على تنفيذها ثلاث جهات؛ الأولى وزارة الدفاع، ممثلة فى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتى يقع على عاتقها 50% من هذه الخطة، والجهة الثانية هى وزارة النقل، والتى تتولى تنفيذ 30% من هذه الخطة، أما النسبة المتبقية من الخطة، ومقدارها 20%، فتنفذها وزارة الإسكان، التى يرأسها السيد الوزير عاصم الجزار، والذى اعتبره أحد مكاسب الوزارة، حيث تزاملت معه، حينما كنت محافظاً للأقصر، وكان سيادته نائباً للمهندس مصطفى مدبولى فى هيئة التخطيط العمراني، آنذاك. فهو مهندس مشهود لسيادته بالذكاء الحاد، والتخطيط الدقيق، وحسن الإدارة، وصواب الفكر، وأهم مميزات هذا الرجل النشيط، فى رأيي، أنه يفكر ويعمل، دائماً، بأفكار وخطط خارج الصندوق، وهو ما نفتقده فى الكثير ممن يحملون حقائب مهمة فى الجهاز الإدارى للدولة، لذا فنحن مطمئنون لأن جناحى تنفيذ الشبكة القومية للطرق فى مصر مع القوات المسلحة، هما سيادة الفريق كامل الوزير، وزير النقل، والمهندس عاصم الجزار، وزير الإسكان.
وفى الأسبوع الماضى سألنى أحد الزملاء، عن سر تنفيذ هذه الطرق، الآن، بهذا المستوى شديد التميز والإتقان، فأجبته، ببساطة، بأن أوامر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى واضحة فى ضرورة إتمام تنفيذ جميع الطرق، طبقاً للمواصفات العالمية، وعدم السماح بأى تنازل أو تهاون، مقارنةً بالماضي، عندما كان القرار يتم اتخاذه بناءً على التكلفة المادية فقط، دون النظر لاعتبارات الجدوى والجودة، بما كان ينعكس على مستوى تنفيذ الطريق، أما الآن فالأوامر واضحة من السيد الرئيس أن الطريق ينفذ طبقا للمواصفات العالمية، لما لذلك من عوائد كبيرة فى خدمة الاقتصاد المصري.
ولقد ظهر مع صناعة الطرق فى مصر، هذه الأيام، صناعة أخرى تطورت، أيضاً، بشكل ملحوظ، وهى صناعة الإعلانات، فتجد على جنبات معظم الطرق لوحات إعلانية، على أعلى درجة من التميز فى التنفيذ، وبأفكار جديدة فى التصميمات، وتكنولوجيا حديثة فى التنفيذ، فخلقت هذه الصناعة فرص عمل جديدة للشباب المتخصص فى هذا النوع من العمل، سواء فى مجالات التكنولوجيا أو التصميم والإبداع فى الإعلانات، التى صارت تضاهى مستوى الإعلانات على الطرق فى أوروبا، بل وتتفوق عليها أحياناً. وهكذا نرى كل يوم فى مصر مشروعات جديدة تضخ فى شرايين الإنتاج والاستثمار، بفكر ومفاهيم جديدة، لصالح مصرنا الحبيبة.