المصري اليوم

إيران والحصول على قمر صناعي عسكري جديد

لواء د. سمير فرج يكتب : إيران والحصول على قمر صناعي عسكري جديد

في مفاجأة أعلنت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن نجاح إيران في إبرام صفقة جديدة مع روسيا بشراء قمر صناعى متطور سيمكنها من زيادة قدرتها القتالية من خلال نجاحها في تتبع أهداف عسكرية تابعة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، خاصة المنشآت النفطية في دول الخليج العربى والعراق ثم تتبع ومتابعة الأهداف العسكرية في دول المنطقة.. كذلك القواعد العسكرية، وبالطبع التركيز على القواعد الأمريكية ومتابعة تحركات القوات بها وأوضاع الدفاعات الأرضية والجوية والدفاع الجوى، خاصة التركيز على المنشآت العسكرية العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية بها.

ويأتى بعدها أهداف مهمة ورئيسية، سواء عسكرية أو اقتصادية أو استراتيجية في إسرائيل التي أصبحت حاليا تمثل تهديدا رئيسيا لإيران في المنطقة.. لذلك يأتى هذا القمر الروسى الجديد كانابوس في (Kanabous v) إضافة جديدة للقدرة العسكرية الإيرانية في المنطقة ورغم أن هذا القمر الروسى كان مخصصا من قبل للأغراض السلمية والمدنية إلا أنه بعد زيارة وفد ايرانى من عناصر الحرس الثورى إلى روسيا عام ٢٠١٨ تم إقناع الروس بتحويل إمكانيات هذا القمر الروسى إلى أن يكون للأغراض العسكرية بهدف جمع المعلومات والبيانات من الأهداف العسكرية وخاصة تمركز وأوضاع القوات وتحركاتها مع تحديد نوعية وهوية كل هدف عسكرى بالتفصيل.

ولقد قام خبراء من روسيا بزيارة إيران في الربيع الماضى، حيث تم اختيار موقع نظام القمر الصناعى الجديد في مكان غرب طهران العاصمة بالفعل.. حيث تم بناء منشأة لمركز تشغيل ومتابعة هذا النظام الجديد، كما قام الوفد الروسى باختيار العناصر الإيرانية التي ستدير هذا النظام، وقام بإعداد خطة لتدريب هذه الكوادر، ولقد أفادت جريدة واشنطن بوست الأمريكية بأن هذا القمر الروسى «كانابوس فى» مزود بأجهزة روسية متطورة، من بينها كاميرا استطلاع بدقة ١.٢ متر، وهو يمثل قدرة متطورة للجيش الإيرانى مقارنة بإمكانيات القمر الصناعى الذي تم إطلاقه في العام الأسبق تحت اسم (نور ١)، واتخذ مداره الفضائى عام ٢٠٢٠ ويعمل تحت سيطرة وقيادة الحرس الثورى الإيرانى.. الأمر الذي دعا وزير الخارجية الأمريكى السابق بومبيو إلى الدعوة لمحاسبة إيران لأن هذا القمر في ذلك التوقيت كان يمثل تهديدا لمنطقة الشرق الأوسط، ولكن بحصول إيران على هذا القمر الصناعى العسكرى الجديد الروسى «كانابوس فى» أضاف لإيران قدرات عسكرية جديدة، حيث ستتمكن من المتابعة الدقيقة لكافة الأهداف العسكرية المعادية لإيران في منطقة الشرق الأوسط كذلك سوف يحقق قدرات عالية للصواريخ الإيرانية البلاسيتية العابرة للقارات التي وصل مداها إلى مسافات كبيرة حتى حدود اليونان بالنسبة لدول أوروبا.. حيث يحقق هذا القمر الصناعى الجديد تحديد أهداف هذه الصواريخ البلاسيتية الإيرانية بدقة ومتابعة تحركها، كذلك توفير المعلومات عن المناخ والفضاء، وبالتالى يحقق لهذه الصواريخ دقة أكبر وأكبر للوصول إلى أهدافها العسكرية.

وتضيف جريدة واشنطن بوست أن المعلومات التي سوف يحصل عليها هذا القمر الصناعى الجديد سوف تعطى إيران الفرصة لتداولها مع أذرعها المقاتلة في المنطقة مثل الحوثيين في اليمن وعناصر حزب الله في لبنان، ثم الميليشيات الشعبية في كل من العراق وسوريا.. كل ذلك سوف يغير من خطط الاستعداد القتالى لكل دول المنطقة، خاصة دول الخليج العربى والولايات المتحدة وقوات التحالف من حلف الناتو وأخيرا إسرائيل.. لذلك أصبحت إيران اليوم تمثل أكبر خطر يهدد منطقة الشرق الأوسط، فهى تحاول الحصول على السلاح النووى، رغم أنها ليست في حاجة لهذا السلاح، لأنه ليس هناك أي تهديدات مباشرة لها من جيرانها في المنطقة، ثم تعمل على تطوير أنظمتها للصواريخ البلاسيتية، والتى حققت فيها تطورا كبيرا مستفيدة بالخبرة الكورية في هذا المجال.. كذلك نجحت في تطور أنظمة الطائرات الموجهة بدون طيار (الدرونز) وأصبحت من دول العالم القليلة التي تمتلك أحدث مجموعة من هذا النظام.

ولعل مهاجمة مصفاة النفط في مدينة الدمام في السعودية والدقة في إصابة الأهداف أكدتا نجاحها في إدارة هذه المنظومة المتطورة، ولقد ركزت إيران منذ البداية على إنشاء الحرس الثورى الإيرانى ليكون هو الأداة العسكرية الفعالة في يد النظام، حيث إن ولاء الحرس الثورى للنظام الخومينى في البداية وليس لدولة إيران.. وتم تركيز إيران على تطوير الحرس الثورى بهذه الأسلحة والأنظمة الجديدة وكان أي تحديث يتم في عناصر تابعة للحرس الثورى، بينما ظل الجيش الإيرانى، بأسلحته التقليدية القديمة بهدف تأمين الحدود.. أما العمليات والأنشطة الجديدة فكانت من تخطيط وتنفيذ الحرس الثورى الإيرانى الذي هو ولاؤه الأول والأخير للقيادة الدينية الإيرانية، لذلك عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالقضاء على قاسم سليمانى كانت ضربة موجهة للنظام الإيرانى لأنه كان العقل المدبر للقوة العسكرية الإيرانية الجديدة سواء كانت داخل إيران أو خارجها.

ولقد شهد اللقاء بين الرئيس الروسى بوتن وجو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في سويسرا لبحث العديد من القضايا بين الدولتين، ولعل أهمها كان تدعيم روسيا لإيران في منطقة الشرق الأوسط، وكان أهمها القمر الصناعى الجديد.. ورغم إعلان بوتن أنه لا يعلم عن هذا الموضوع فور نشره بمعرفة واشنطن بوست لكن أعلنت العديد من المصادر أنه تم تناوله في مباحثاته مع جو بايدن إلا أنه لم يصدر أي تصريح بشأنه بعد نهاية المباحثات.. لذلك أصبحت أولويات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة مع تولى جو بايدن هو أولا منع إيران الحصول على السلاح النووى ثم تحجيم قوة وقدرة الصواريخ البلاسيتية الإيرانية التي وصل مداها حتى الآن من إيران حتى حدود اليونان، ومعنى ذلك فإن أي تطوير قادم لهذه الصواريخ سوف يصل ليغطى دول أوروبا بالكامل.. وأخيرا وقف إيران عن دعم الحركات الإرهابية في المنطقة، لذلك سوف نرى في الأيام القادمة هل ستنجح الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية ضد إيران.. هذا ما سوف توضحه الأحداث في الفترات القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى