أخبار اليوم

تكبيرات العيد فوق رمال سيناء

تكبيرات العيد فوق رمال سيناء

لواء دكتور/ سمير فرج

منذ طفولتي وفرحة قدوم العيد مرتبطة بتكبيراته، فلم أفوت صلاة العيد، حينها، مع والدي، رحمة الله عليه، في جامع لطفي بمدينتنا الحبيبة بورسعيد، لاستشعر تلك الفرحة. وبعد أن تخرجت في الكلية الحربية، وشاركت في حرب اليمن والقتال فوق جبالها وسفوحها، لمدة ثلاث سنوات، صرت أصلي العيد مع الجنود فوق الجبال، ومعنا الراديو، لنستمع إلى صوت تكبيرات العيد من القاهرة. وبعد هزيمة 67، بدأ الجيش المصري استعداداته لتحرير أرض سيناء الغالية، وهو ما يقتضي عبور قناة السويس، واقتحام خط بارليف.

بدأنا تدريبات العبور، حينئذ، على ضفاف أحد فروع نهر النيل، مستخدمين القوارب المطاطية للعبور، مع تدريب الجنود على استخدام سترات النجاة، والتعرف موقع كل منا على القارب؛ الرشاش في مقدمته، والجنود على أجنابه، وأنا في مؤخرة القارب، ثم لطخنا وجوهنا بالطين، كنوع من أنواع التمويه … تزامن كل ذلك مع ليلة العيد. ومع بزوغ أول ضوء من صباح يوم العيد، اندفعنا بالقوارب نحو المياه، لنعبر إلى ضفة النهر المقابلة، ونقتحم مجسم خط بارليف.

تخليت يومها عن كل ما اعتدت عليه، وأنا صغير؛ فاستبدلت ملابس العيد الجديدة، بسترة النجاة، وبدلاً من “حمام العيد”، فقد لطخت وجهي بالطين، ولكنني لم أتخل عن التكبيرات، فلازلت أحمل في جيبي الراديو الصغير، لأسمع تكبيرات العيد … وسمعت أول تكبيرة … الله أكبر كبيراً … في نفس اللحظة التي كنا نهاجم فيها “نموذج خط بارليف”، المجهز للتدريبات على ضفة نهر النيل، وأنا أنادي في جنودي “أهجم للأمام” … لنقتحم خندق العدو، ونواصل التقدم.

واصلنا التقدم، وأمرت جنودي بالرقود أرضاً، استعداداً لصد هجوم “القوات المعادية” … والتففت حولي، فرأيت الفريق محمد فوزي، وزير الحربية، آنذاك، يركب سيارته الروسية الصنع، وبجانبه أحد الخبراء الروس، يتفقد موقع التدريبات، وكيفية عبورنا المانع المائي، ومعه قائد الكتيبة، وقال لنا أن عيدنا الحقيقي هو يوم تحرير الأرض … أما الأعياد الحالية، فسنتدرب خلالها حتى نحقق النصر.

وغادر الفريق فوزي الموقع، بينما تكبيرات العيد لاتزال تنطلق من الراديو الصغير في جيبي … ومرت الأيام وجاء السادس من أكتوبر، الموافق العاشر من رمضان، لنعبر قناة السويس، وندمر خط بارليف، ونصلي العيد فوق رمال سيناء، ونستمتع بصوت التكبيرات تنطلق من جميع مآذنها بعدما تحقق لنا النصر المبين.

Email: sf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى