الأهرامالعلاقات المصرية الأمريكيةمقالات صحفية

الآمال المصرية من زيارة الرئيس إلى واشنطن

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

يحل الرئيس عبدالفتاح السيسي، يوم التاسع من أبريل الحالى، ضيفاً على البيت الأبيض، بالعاصمة الأمريكية، واشنطن، ملبياً ثانية الدعوات الرسمية من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد انقطاع، دام سبع سنوات، لم يوجه خلالها الرئيس الأسبق باراك أوباما، أى دعوة للرئيس المصري، فى فترة تُعد الأسوأ فى تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين، وبوصول الرئيس ترامب للحكم، عادت العلاقات المصرية الأمريكية لأبهى صورها، منذ عهد الرئيس كارتر والرئيس السادات.

لا أعتبر نفسى مبالغاً، إن قلت إن الرئيس السيسي، سيدخل البيت الأبيض، هذه المرة، حاملاً بين يديه آمالاً عربية، وليست مصرية فحسب، إذ تمر العلاقات الأمريكية العربية، بأسوأ حالاتها، فى التاريخ المعاصر، نتيجة قرارات الرئيس ترامب، بشأن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب، وهو القرار الذى نسف جميع الجهود لإحياء محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مستقبلاً، وما تلاه، منذ بضعة أيام، باعترافه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية، فى ضربة قاسية، وقاصمة، لمحاولات إحلال السلام فى سوريا، بعد القضاء على آخر جيوب داعش الإرهابية هناك، وبينما الجميع يوجهون أنظارهم نحو سوريا، مترقبين مرحلة جديدة من السلام والازدهار .

سيصل الرئيس المصري، وبين ملفاته، آخر القرارات الصادرة عن مؤتمر القمة العربية، التى عقدة منذ بضعة أيام، ليناقش، مع نظيره الأمريكي، وجهة النظر العربية حول تداعيات الأحداث فى المنطقة. ومن المنتظر أن يركز الرئيس السيسى مباحثاته على التعاون المصرى الأمريكى المشترك، فى مجالات مكافحة الإرهاب فى المنطقة، فى ظل هزيمة داعش، رغم وجود بقايا ذيول لها، خاصة عناصر داعش من الدول الأوروبية، التى ترفض بلادهم عودتهم مرة أخرى، وهو ما فجر أزمة جديدة بعنوان «إلى أين يتوجه العائدون من سوريا»؟.

كما سيركز الرئيس السيسى على مناقشة الخطوات المرتقبة لتحقيق الاستقرار فى سوريا، خاصة فى الشمال، حيث يتمركز الأكراد، فى ظل ما أعلنه الرئيس ترامب، سابقاً، عن سحب القوات الأمريكية من هناك، الأمر الذى منح الفرصة لاحتمالية تدخل تركيا تحت زعم ملء الفراغ الأمريكي، فعدل الرئيس الأمريكى قراره، وأبقى على عدد محدود من القوات الأمريكية، وهو ما يقودنا إلى التساؤل عن السيناريو المتوقع لعودة الاستقرار إلى سوريا، وكيفية إجراء انتخابات جديدة، تضمن للشعب السورى سيادته. وهو ما يتوقع أن يجيب عنه الرئيس ترامب، بأنه مرهون بخروج إيران، وحزب الله، من سوريا، لضمان دعم النظام الذى سيختاره الشعب السوري.

وعلى مستوى ليبيا، أتوقع أن يوضح الرئيس السيسي، للرئيس ترامب، تطلع مصر لدعم الولايات المتحدة للمؤتمر الوطنى القادم، المقرر عقده فى بلدة غدامس الليبية، حيث سيجتمع جميع الأطراف الليبية من أجل التوصل إلى حل للأزمة الداخلية، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف إعادة الاستقرار للبلاد، والقضاء على باقى العناصر الإرهابية الموجودة حول طرابلس، وفى الجنوب الليبي، ومساعدة الجيش الليبى الوطني، بقيادة حفتر لإعادة الاستقرار فى ربوع ليبيا، وهو ما ينعكس إيجابيا على المنطقة عامة، ومصر خاصة.

لن تخلو المباحثات الثنائية بين الرئيسين المصرى والأمريكى من مناقشة الأوضاع فى اليمن، فى ظل سيطرة الحوثيين على مدخل البحر الأحمر، بدعم كامل من إيران، التى امتد نفوذها إلى هذه المنطقة، لمصالحها الخاصة، وأصبح من الضرورى تحجيم ذلك المد، لإعادة الاستقرار إلى اليمن، ومنع أى تدخلات أجنبية هناك تهدد مصالح دول الخليج، وأمن البحر الأحمر. كانت تلك نبذة مختصرة عن أهم الملفات السياسية، المتوقع مناقشاتها فى أثناء اللقاء المرتقب بين الرئيس السيسي، ونظيره الأمريكى ترامب. أما فيما يخص الملف الاقتصادي، فسيدعو الرئيس السيسى إلى زيادة حجم الاستثمار الأمريكى فى مصر، خلال الفترة المقبلة، خصوصاً فى المنطقة اللوجستية، على محور قناة السويس، مع التركيز على زيادة حجم الشراكة الاقتصادية بين البلدين، خاصة بعد نجاح مصر فى برنامجها للإصلاح الاقتصادي، وترشيد الدعم، وتطوير بنيتها التحتية فى مجالات الكهرباء، والطرق، إضافة إلى تعديل قانون الاستثمار، وتفعيل مبادرة التجارة الحرة بين مصر وأمريكا.

ومن هنا فان لقاءات الرئيس السيسى مع العديد من المستثمرين، ورؤساء الصناديق والبنوك الاستثمارية، له عظيم الأثر فى توضيح الخطوات التى اتخذتها مصر على طريق الإصلاح الاقتصادي، والتشريعي، ويأمل الرئيس السيسى أن يمنح الرئيس ترامب مزيداً من الامتيازات لتحسين نظام التبادل الاقتصادى مع مصر.

أما فيما يخص التعاون العسكري، وما له من طبيعة خاصة، ومجالات محددة للحديث بشأنه، إلا أنه يمكن اختصاره فى أن المباحثات التى سيجريها الرئيس السيسى فى البنتاجون، يتوقع أن تركز على مطالب القوات المسلحة المصرية لزيادة قدرتها القتالية، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون مع شركات تصنيع المعدات الحربية الأمريكية، لتطوير الأسلحة الأمريكية الموجودة بترسانات الجيش المصري. تضاف إليها مجالات التعاون العسكرى والأمنى بين القوتين، خاصة فى مجال تبادل المعلومات، بهدف مكافحة أعمال الإرهاب، والقضاء على مصادر التمويل، والتسليح، للعناصر الإرهابية فى المنطقة. كما سيتم التركيز، أيضاً، على تطوير التعاون فى مجال التدريب المشترك بين الدولتين، ولعل أهمها هو تدريبات النجم الساطع.

وقد يسأل البعض، إن كانت تلك مطالب مصر، فماذا تريد أمريكا من مصر؟ والإجابة ببساطة أن مصر، منذ الأزل، هى أهم دولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط، فهى بمثابة رمانة الميزان التى ترتكز عليها الولايات المتحدة الأمريكية، لضمان تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة. ولا يقتصر دور مصر على المنطقة العربية، فحسب، وإنما يمتد إلى العمق الإفريقي، والذى يتمثل، على سبيل المثال، فى ترؤسها، حالياً، الاتحاد الإفريقي. وهى التى نظمت وترأست المؤتمر الأوروبى العربى فى شرم الشيخ، وهى من عرضت فى مؤتمر ميونخ للسلام فكرها واستراتيجياتها للقضاء على الإرهاب، ومن كل ذلك، تبرز أهميتها للولايات المتحدة، وأهمية أن تكون لها علاقات قوية ومتينة مع مصر، بوابة الاستقرار فى المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى