المصري اليوم

“مصر من عام 2020…إلى عام جديد 2021 “

“مصر من عام 2020.. إلي عام جديد 2021”

1 يناير 2021

تمضي الأيام والسنين، وها نحن نحتفل بقدوم عام جديد، هو عام 2021 بعد أن مضي عام 2020 بكل أزماته، فالتاريخ سيسجل هذا العام بأنه عام وباء الكورونا الذي فقد فيه العالم أكثر من مليون ونصف شخص وخلف وراءه العديد من الأزمات الاقتصادية التي لم تنجو منها دولة واحدة في العالم وخاصة دول العالم الثالث الفقيرة، وحتى عندما ظهر اللقاح لهذا الوباء اللعين فإن أول من سيحصل عليه هم مواطنون الدول الغنية.. أما البلدان الفقيرة من دول العالم الثالث فسوف تنتظر ما سيجود به العالم الأول من بقايا.
كذلك شهد هذا العام ما فعله وباء الكورونا من إسقاط رئيس أكبر دولة في العالم هو دونالد ترامب الذي لولا هذا الوباء لفاز بالضربة القاضية على جو بايدن.. وهكذا يمضي عام 2020 بلا رجعة، ونحن آملين أن يكون عام 2021 أكثر إشراقة وأمل للعالم كله خاصة ونحن على أبواب هذا العام نبدأ في استخدام لقاح الكورونا ليتخلص العالم من هذا الوباء.
وبعيداً عن الوباء وما أحدثه دعونا ننظر ونحلل ماذا حدث لنا نحن في مصر خلال عام الكورونا؟ وماذا ننتظر خلال العام الجديد 2021؟ وبنظرة علي الأحداث في المنطقة نجد أن عام الكورونا قد استمرت فيه التهديدات ضد مصر في الأربع اتجاهات الاستراتيجية، فالاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي أو ما يطلق عليه “الاتجاه الاستراتيجي السيناوي” فمازال خطر الإرهاب موجوداً ، وقد نجحت القوات المسلحة المصرية والشرطة خلال السنوات الخمس الماضية في القضاء علي هذا الإرهاب بنسبة كبيرة ليتم القضاء علي عناصره في مثلث” العريش-رفح-الشيخ زويد” كما تم القضاء علي قيادات هذا التنظيم ومراكز قياداته والمراكز الإعلامية التي تم إنشاؤها ومخازن الأسلحة والذخيرة ، كذلك أماكن وضع المتفجرات علي الطرق الرئيسية وحتي عندما حاولت هذه العناصر التسلل إلي منطقة جبل الحلال قامت القوات المسلحة بمطاردتها هناك وتم تدمير عناصره تماماً.
كذلك بدأت العناصر الإرهابية في الإتجار في المخدرات ، وزرع نبات البانجو في وديان سيناء للحصول علي مصادر التمويل لكن القوات المسلحة المصرية كانت لهم بالمرصاد ، ونحن نعلم أن هذه العناصر الإرهابية الآن في مرحلة الكمون بعد الضربات القوية التي تلقتها من القوات المسلحة والشرطة ، وقد بدأت إعادة تنظيم شبكاتها العنكبوتية وتعيين قيادات جديدة لها وتجنيد أفراد بدلاً من العناصر التي فقدتها ،وكذلك إعادة تجميع وتخزين الأسلحة والذخائر لذلك فإن القوات المسلحة والشرطة تداهم هذه الأوكار من وقت لآخر ، وقد أسفر القبض مؤخراً علي محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين -بدلاً من محمد بديع الموجود حالياً في السجون المصرية – عن اكتشاف مجموعة من رجال الأعمال القائمين على تمويل أنشطة الجماعة والعمليات الإرهابية، لذلك تم القبض عليهم وجاري التحقيق معهم بهدف تجفيف منابع التمويل لهذه العناصر التي تريد هدم بلدنا الحبيبة مصر.
وعلي الاتجاه الاستراتيجي الغربي في ناحية الحدود مع ليبيا فقد أصبح أكثر تهديد لمصر بعد رحيل معمر القذافي وتفكك أوصال الدولة الليبية وظهور العناصر الإرهابية والتكفيرية التي وصلت إلي خمس مجموعات من الدواعش الليبية ،والدواعش الفارين من سوريا ، والفارين من العراق ،والإرهابيين من بوكوحرام في نيجيريا ،وأخيراً العائدين من أفغانستان وليس لهم مأوي في أي مكان في العالم سوي ليبيا ،تجمعت كل هذه العناصر ومعها الأسلحة التي كانت موجودة في مخازن القذافي لتبدأ في نشر الفوضى والإرهاب في ليبيا وبالطبع في اتجاه مصر من الحدود الغربية ،ويكفي ما حدث من عمليات إرهابية من الاتجاه الليبي التي قام بها الإرهابي المصري هشام عشماوي والعناصر التابعة له من داخل الأراضي الليبية ضد مصر حتي نجح المشير حفتر في القضاء علي هذه العناصر وحرر مدينة درنة الليبية التي كانت محتلة من الدواعش لمدة 4 سنوات ، قاموا خلالها بتغيير كل معالم الحكم الليبي إلي حكم الدولة الإسلامية، وواصل حفتر تقدمه إلي مطار طرابلس ، وحاصر العاصمة بهدف توحيد ليبيا ،وإقصاء فايز السراج الذي انتهت مدة ولايته وفجأة جاء التدخل التركي الطامع في ثروات ليبيا وخاصة بترول الهلال النفطي الليبي وكان التدخل العسكري التركي لمساعدة فايز السراج نقطة تحول في ليبيا حيث قام بنقل أكثر من 20 ألف من المرتزقة في شمال سوريا إلي طرابلس ، وتم إمداد حكومة فايز السراج بالأسلحة والمعدات والعربات المدرعة والطائرات المسيرة بدون طيار وكان لتركيا مطامع ستة في ليبيا كانت كالآتي:
أولها، الاستيلاء على النفط الليبي، الذي تمثل احتياطاته المركز الأول أفريقياً، والتاسعة عالمياً، ومن المقدر استمرار احتياطات النفط الليبية لمدة 77 عاماً، فضلاً عن أن قربها من أوروبا، جعلها تحتل المركز الثالث كأكبر مُصدر، للاتحاد الأوروبي، بعد النرويج، وروسيا، بإجمالي 403 مليون برميل سنوياً. ولا شك أن ذلك كله قد أغرى تركيا بالإنقاض على تلك الثروة البترولية الهائلة، لإنعاش اقتصادها، الذي تدهورت مؤشراته لنسب غير مسبوقة. وهو ما دفع أردوغان، للهث، سريعاً، نحو مدينة سرت الليبية، كبوابة الوصول لمنطقة الهلال النفطي الليبي، لإحكام سيطرته على حقوله.
أما المطمع التركي الثاني، فهو تثبيت أقدامها في ليبيا، للانقضاض على نصيب الأسد من خطة إعادة الإعمار، في ليبيا، والمقدر أن تبلغ مئات المليارات من الدولارات.
والمطمع التركي الثالث، في ليبيا، فهو الاشتراك في إعادة تسليح، وتدريب، الجيش الليبي الجديد، فتهيأ لإدارتها أن وجودها الفعلي، على أرض ليبيا، سيعطيها الحق، ويمكنها من تنفيذ تلك العملية العسكرية، التي من شأنها أن تدر مليارات الدولارات، على الخزانة التركية. أما مطمعها الرابع، المتمثل في تأسيس قاعدة عسكرية بحرية، تركية، في مصراته، على البحر المتوسط، وأخرى جوية، في مطار الواطية، الليبي، بما يحقق لها تواجد عسكري، قوي، في شمال أفريقيا، لتحقيق حلمها، الأكبر، مستقبلاً حيث ستتكفل قطر بتمويل بناء هذه القواعد.
أما المطمع التركي الخامس، وهو مطمع بعيد المدى، إقليمي، يتمثل في حلم عودة الحكم العثماني، إلى شمال أفريقيا، خاصة وأن الجار المباشر، تونس، يسيطر على أغلبيته البرلمانية، حزب النهضة الإخواني.
المطمع السادس، والأخير، لتركيا، في ليبيا، فيتمثل في محاولة تهديد الأمن القومي المصري، بإحداث قلق لمصر، ولشعبها، في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، عن طريق نقل الإرهاب لحدود مصر الغربية.
ومن فوق رمال الصحراء الغربية المصرية، وفي قيادة المنطقة الغربية العسكرية، في سيدي براني، وعلى مسافة 100 كم من الحدود المصرية-الليبية، وقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بين رجاله، وجنوده، من قوات المنطقة الغربية العسكرية، التي تضم مقاتلي القوات الجوية، والقوات الخاصة، والفرقة 21 المدرعة، ليرسل إنذاره الأخير، صراحة، وبكل وضوح، لمن يهمه الأمر في داخل ليبيا، سواء في طرابلس، أو في غيرها، من العناصر الإرهابية، والمرتزقة، والمليشيات، أو خارج الحدود الليبية، في أنقرة، وغيرها، وأن خط سرت-الجفرة خط أحمر.
ومن هذا المنطلق، وبعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن استعداد مصر للتدخل عسكرياً، لحماية أمنها القومي، ودعم الشعب الليبي، وإنقاذه من الاحتلال التركي، وجرائم المليشيات الإرهابية المتطرفة، تعاقبت إعلانات التأييد الدولية، العربية والغربية، لكل الخطوات التي اتخذتها القيادة المصرية، في سبيل الدفاع عن أمنها القومي، وحدودها.
وعندما وجدت تركيا نفسها بعيدة عن غاز، وبترول، شرق المتوسط، طبقاً لجميع الدراسات الجيولوجية الدولية، فبدأ أردوغان التحرش بقبرص، بإرسال سفنه للتنقيب عن الغاز أمام سواحل قبرص التركية، ومصدراً قراره بمنع التنقيب أمام سواحل قبرص، لنزاعه الحدودي معها، لم يهدأ أردوغان، بل بحث عن طرق أكثر التواء، مستغلاً الخلاف السياسي بين حكومة الوفاق بطرابلس، والجيش الوطني الليبي، فهرول لتوقيع اتفاقيتين مع فايز السراج، رئيس الحكومة في طرابلس، إحداهما لترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، والأخرى أمنية تتعهد فيها تركيا بالدفاع عن حكومة السراج في طرابلس. وفي نفس الأسبوع طلب أردوغان رسمياً من حكومة فايز السراج السماح للسفن التركية بالتنقيب أمام السواحل الليبية. والواقع أن هذه الاتفاقيات باطلة بموجب القوانين الدولية، فبداية فإن فايز السراج، رئيس حكومة معين، من خلال اتفاق الصخيرات، ولم يمنح صلاحيات لتوقيع على اتفاقات دولية، فضلاً عن إعلان البرلمان الليبي، المنتخب، لتلك الاتفاقيات، بما يفقدها أي اعتراف دولي بها. يضاف إلى ذلك أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مخالفة للقانون الدولي، المعمول به في هذا الشأن، حيث لم تراع تركيا حدود المياه الاقتصادية لدولة قبرص، وخاصة أمام جزيرة كريت اليونانية، التي انتهكت حدود مياهها الإقليمية والاقتصادية، وبالنسبة للاتفاقية الأمنية، فتتعارض مع حظر التعاون العسكري المفروض على ليبيا، وهكذا التهب الموقف في منطقة شرق المتوسط.
ومن هذا المنطلق جاءت المبادرة المصرية بإعلان القاهرة، الذي يتضمن مبادرة ليبية-ليبية، كأساس لحل الأزمة، في ليبيا، بإعلان وقف إطلاق النار، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج عناصر المرتزقة، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في أنحاء ليبيا، من خلال تسوية سلمية تضمن التوزيع العادل للثروات الليبية، وصياغة دستور جديد، وتحديد مدة زمنية لفترة انتقالية لإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف الأمم المتحدة. وقد لاقى إعلان القاهرة ترحيباً واسعاً في المجتمع الدولي، وتوافقت عليه جميع القوى الدولية، كحل سلمي لإنهاء الأزمة، دون تدخلات أجنبية، لضمان استقرار ليبيا..
ولقد كان وصول وفد مصري على مستوى عالي لطرابلس هذا الأسبوع أكبر دليل على ان مصر لا تنحاز لأى طرف في الصراع الليبي –الليبي ، بل ان هدف مصر توفيق الأوضاع بين كل الأطراف الليبية لتحقيق الاستقرار داخل ليبيا خاصة انه سيتم إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس.
وعلي الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي فإن مصر استعادت العلاقات مع السودان بعد رحيل نظام البشير وبدأ التقارب المصري السوداني في كافة الاتجاهات السياسية والاقتصادية وأهمهم العسكرية حيث بدأ التدريب المشترك بين القوات المسلحة بين كلا البلدين ولكن أهم هذه النتائج أصبح اشتراك كلا الدولتين في تأمين الحدود الجنوبية بين مصر والسودان ولقد ساهم قرار الولايات المتحدة علي رفع اسم السودان من قوائم الدول المعاونة للإرهاب في أن تحقق مستقبلاً واستقراراً اقتصادياً للسودان وبالتالي سيقصد الأمن المنشود لها. علي مستوي حوض نهر النيل استمرت مشكلة سد النهضة بلا حل حتي الآن حيث تصر مصر علي حل المشكلة في الإطار السياسي مع حق الشعب الإثيوبي في التنمية وضرورة الحل لإرضاء جميع الأطراف الإثيوبية والسودانية والمصرية وإلا يجور هذا الحل علي حق 100 مليون مصري في الحصول علي حقهم في مياه النيل التي هي عصب حياه مصر والمصريين.
وعلي الاتجاه الجنوبي في اتجاه البحر الأحمر وفي اتجاه البحر الأحمر فإن تهديد الملاحة وقناة السويس بوجود الحوثيين في اليمن وسيطرتهم علي مضيق باب المندب فإن مصر تنظر باهتمام الي عدم تعرض الملاحة البحرية لأي استفزاز يؤثر علي قناة السويس التي تمثل ثلث الدخل القومي المصري ومن هنا تم بناء قاعدة راس بناس العسكرية وإنشاء الاسطول البحري الجنوبي ليكون قادر علي تأمين الملاحة في البحر الأحمر وضمان استمرار عمل قناة السويس.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فإن مصر تري الحل على أساس إقامة الدولتين على حدود عام 1967 على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها واعتقد أن الجملة التي قالها الرئيس السيسي أن مصر لن توافق الا ما يقره الشعب الفلسطيني ونؤكد أن غياب الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سوف يؤدي الي انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط.. وعلي الصعيد العالمي فإن مصر تأمل أن تستمر علاقتها مع الولايات المتحدة مع الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن علي نفس المستوي المتميز التي كانت عليها في عهد الرئيس ترامب خصوصاً أن أمريكا تفهم جيداً الوضع الجديد لمصر اقتصادياً وسياسيا وعسكريا وأن يستمر التعاون كما كان من قبل وعلي مستوي دول الاتحاد الأوروبي فاعتقد أن العلاقات في الفترة القادمة ستكون علي مستوي متميز ابتداء من فرنسا بعد الزيارة الناجحة للرئيس السيسي وظهر تطابق الأفكار والمفاهيم حول مختلف المشاكل في المنطقة كما أن العلاقات المصرية مع كل من المانيا وانجلترا قد وصلت الي وضع متميز بسبب احترام هذه الدول ودول الاتحاد الأوروبي لقوة مصر وقدرتها كقوة داعمة للاستقرار في المنطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط أما روسيا فأنه من المنتظر استمرار التعاون الكامل مع تطابق وجهات النظر بين الدولتين واستمرار التعاون في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية كذلك نفس الوضع مع الصين التي تقدر دور مصر المحوري في المنطقة.
وهكذا فإن الأيام القادمة من عام 2021 سوف تشهد انفراجه للأمن القومي المصري الذي يعتمد علي قوة رجاله من القوات المسلحة وصلابة الشعب المصري العظيم تحت قيادة رئيسه عبدالفتاح السيسي الذي أعاد لمصر كرامتها ومكانتها التي تستحقها اقليمياً وعالمياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى