الضربات تتوالى على تركيا ..فهل تستطيع الصمود ؟
24-9-2020
“الضربات تتوالي علي تركيا.. فهل تستطيع الصمود؟”
تداعت الأحداث سريعاً في منطقة الشرق الأوسط وبالذات في منطقة شرق المتوسط هذا المصطلح الجديد للمنطقة التي اطلقته الولايات المتحدة منذ 4 سنوات علي هذه المنطقة الجديدة الواعدة في منطقة الشرق الأوسط حيث بدأت المشكلة باكتشاف تركيا أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي ليس لها أي ثروات بترولية وغازية في منطقة شرق المتوسط طبقاً للدراسات الجيولوجية الأمريكية التي أظهرت أن الغاز الطبيعي موجود في سواحل ليبيا ومصر وغزة وإسرائيل ولبنان وسوريا وقبرص واليونان وبالطبع اثار ذلك غضب تركيا وأردوغان حيث بدأت تركيا في التحرش بكل من قبرص واليونان وإرسال سفن للتنقيب أمام سواحل هذه الدول بل اعلن وزير خارجية تركيا أن تركيا يجب أن يكون لها نصيب في غاز شرق المتوسط وأثار هذا التحرش التركي بسواحل قبرص واليونان غضب دول الاتحاد الأوروبي وبالذات فرنسا حيث أرسل الاتحاد الأوروبي تحذيراً مباشراً إلي تركيا بإيقاف هذا التحرش لدولتي الاتحاد قبرص واليونان والا سوف تنال تركيا عقوبات اقتصادية مباشرة من الاتحاد الأوروبي ورغم قيام تركيا بتنفيذ مناورات بحرية في المنطقة للتأثير علي اليونان وقبرص الا أنها رضخت مؤخراً وقامت بسحب سفينة التنقيب من أمام سواحل اليونان بدعوي القيام بأعمال الصيانة في ميناء أنطاليا ورغم ذلك كان اجتماع الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين 21 سبتمبر لمناقشة عدد من الملفات أهمها الانتهاكات التركية تجاه قبرص واليونان في منطقة شرق المتوسط والأوضاع في ليبيا حيث أكد جوزيف بوريل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي في بروكسل أن الاتحاد سوف يبحث العقوبات المقترحة علي تركيا والتي تدعمها قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا بشدة ويتحدث المراقبين أن هذه العقوبات لو صدرت سوف تكون قاسية علي تركيا واقتصادها الذي يعاني من تدهور كبير هذه الأيام كذلك الهبوط الكبير في سعر الليرة التركية الذي لم يحدث من قبل في تاريخ تركيا خاصة أنها قد تشتمل علي حظر استخدام موانئ ومعدات الاتحاد الأوروبي وعقوبات واسعة ضد قطاعات بأكملها في الاقتصاد التركي حتي أن الاتحاد الأوروبي اعلن أمس عن فرض عقوبات علي ثلاث شركات من تركيا وكازاخستان والأردن لخرقها حظر بيع الأسلحة إلي ليبيا كذلك تضمنت العقوبات تجميد أرصدة هذه الشركات الثلاث ووقف التعامل معها.
ثم جاءت الضربة الثانية لأردوغان عندما قرر حليفه في طرابلس رئيس الوزراء لحكومة الوفاق فايز السراج بأنه سيتقدم باستقالته وتسليم المهام في أكتوبر المقبل لذلك اعلن الرئيس التركي أردوغان أن أنباء استقالة السراج مزعجة للغاية وقال أن تركيا ساعدت السراج لكي يستعيد موقفه العسكري بعد أن كاد حفتر بقواته الدخول الي طرابلس وبالطبع جاءت هذه الضربة لأردوغان في مقتل حيث تعني الغاء الاتفاق الأمني التركي الليبي برحيل السراج خاصة بعد قبول فايز السراج وقف إطلاق النار علي كل الأراضي الليبية ولم يكن هذا القرار علي هوي أنقرة وأردوغان الذي بدأ يشعر أن ضغوط اللعبة في طرابلس بدأت تفلت من أيدي أنقرة.
كذلك جاءت الضربة القوية الأخرى لأنقرة بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان الأمر الذي أفقد تركيا أي أمل في التنقيب علي الغاز الطبيعي في شرق المتوسط من ذلك كله جاءت المفاجأة بطلب أردوغان أن يتم التباحث مع جهات الأمن المصرية بهدف تنسيق الجهود في منطقة شرق المتوسط وذلك بعد الانكسارات التي تلقتها تركيا من الاتحاد الأوروبي واستقالة السراج فلم يجد أمامه إلا أنه يحاول إعادة العلاقات مع مصر ولكن جاء الرد المصري من خلال المتحدث باسم وزارة الخارجية حيث استنكرت مصر تصريحات وزير الخارجية التركي مع قناة CNN TURK التي تضمنت من بين إشارات مختلفة تناولاً سلبياً حول ما شهدته مصر من تطورات سياسية اتصالاً بثورة 30 يونيه بما يؤكد استمرار التشبث بادعاءات منافية تماماً للواقع بهدف خدمة توجهات أيديولوجية وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية الرفض الكامل لهذا المنهج منوهاً الي أن الاستمرار عن الحديث عن مصر بهذه النبرة السلبية وفي نفس الوقت بهذا القدر من التناقض اينما يكرس افتقاد المصداقية إيزاء أي ادعاء بالسعي لتهيئة المناخ المناسب لعلاقات قائمة علي الاحترام والالتزام بقواعد الشرعية الدولية وتشير التقارير أن تركيا تهدف من إعادة التقارب مع مصر هو أولاً تهدئة المعارضة التركية التي تري أن أردوغان أخطأ باتخاذ هذه الإجراءات المعادية لمصر وهي أقوي دول المنطقة كذلك تري التقارير المختلفة أن تركيا تهدف من هذا التقارب مع مصر هو محاولة إعادة ترسيم حدود بحرية جديدة بين مصر وتركيا لضرب ترسيم الحدود البحرية التي اقامتها مصر مع اليونان والتي قضت علي آمال تركيا في أن تتواجد في منطقة شرق المتوسط.
أما بالنسبة لمصر فاعتقد أنها تري أن سلوك تركيا تجاه مصر هو سلوك عدائي يبرز من عدة نقاط أولها احتضانها لعناصر الإخوان المسلمين التي تعيش حالياً في تركيا وتدعمها تركيا بالانفاق عليها وتوفير الملاذ الآمن لقيادتها هناك ثم هناك دعم تركيا لقنوات الإخوان التي تهاجم مصر ليلاً ونهاراً وتحاول مهاجمة نظام الحكم في مصر بإطلاق الشائعات لهدم أركان الدولة المصرية الأمر الذي تحاول مصر استيعابه بكل الطرق ولم تحاول مثلاً باستضافة قنوات لحزب العمال التركي المعارض لتركيا لمهاجمة النظام التركي كذلك يأتي التدخل التركي في ليبيا لتهديد الأمن القومي المصري المباشر علي الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الغربي بإرسال المرتزقة من شمال سوريا لدعم قوات فايز السراج وبالتالي اختل التوازن العسكري في ليبيا بل وصل الأمر إلي إنشاء قاعدة عسكرية تركية في مصراته وأخري جوية في الواطية كل ذلك أصبح تهديداً للأمن القومي المصري وأخيراً يتعرض أردوغان إلي حملة قوية وشرسة من الثلاث أحزاب المعارضة في تركيا التي تتهمه بمعاداة مصر ورئيسها وقيامه بدعم الإخوان المسلمين ضد النظام المصري لذلك اعتقد أن مصر لن تقبل التقارب مع تركيا إلا بعد أن تعدل سياستها الاستفزازية نحو مصر والتي تهدد الأمن القومي المباشر لمصر في هذه المرحلة ومن هنا تقول هل سيصمد أردوغان أمام هذه التيارات في المنطقة هذا ما سوف تؤكده الأيام في الفترة القادمة.