التوغل التركى الجديد في ليبيا
سمير فرج يكتب: التوغل التركي الجديد في ليبيا
فى تطور جديد للأوضاع على الساحة الليبية، قام وزير الدفاع التركى «خلوصى أكار» والقطرى «خالد العطية» والوفدان المرافقان لهما بزيارة العاصمة الليبية طرابلس، حيث تم لقاء العديد من المسؤولين هناك فى حكومة الوفاق بهدف تعزيز التواجد العسكرى التركى فى غرب ليبيا وبحث العديد من الملفات أهمها إنشاء قاعدة عسكرية تركية جديدة فى مصراتة لصالح تركيا، حيث تم الاتفاق على إنشاء 3 أرصفة بحرية جديدة مزودة بأحدث المعدات والأوناش الحديثة الثقيلة ومخازن للأسلحة والمعدات وأماكن لإيواء الجنود ومركز قياده إليكترونى جديد وإنشاء تحصينات لعناصر الدفاع الجوى والأرضى للقاعدة، على أن يتم تنفيذ كل أعمال الإنشاءات بمعرفة شركات المقاولات التركية، على أن تقوم حكومة قطر بتحمل كافة تكاليف هذه القاعدة، كذلك تم الاتفاق على قيام قطر بتسديد مستحقات المرتزقة السوريين، الذين شاركوا فى المعارك السابقة، ولم يتم صرف مستحقاتهم إلى الآن، حيث هددوا بالتظاهر فى بداية هذا الأسبوع، وسوف تقوم قطر بتحويل مستحقاتهم فى نهاية هذا الأسبوع إلى حكومة «السراج» كما تم الاتفاق على عرض مقترح لتطوير قاعدة «الوطية» الجوية لتكون قاعدة عسكرية جديدة لتركيا فى الجنوب، وستعرض مقترحات التطوير خلال أسبوعين على اللجنة المشكلة لبدء شركات المقاولات التركية فى أعمال التطوير، وتتحمل قطر نفقات تطوير هذه القاعدة الجديدة أيضاً، وفى نفس الوقت وصل إلى طرابلس وزير الخارجية الألمانى «هايكو ماس» الذى أكد لـ«فايز السراج»، رئيس حكومة الوفاق رغبة ألمانيا فى وقف إطلاق النار كذلك دعا الوزير الألمانى إلى رفع الحصار عن حقول النفط الليبية والتوزيع العادل للثروات الليبية، وأكد على أن مخرجات وقرارات مؤتمر برلين هى الإطار السليم لحل النزاع فى ليبيا ويذكر أن ألمانيا أرسلت تحذيراتها من قبل إلى «أردوغان» بضرورة تهدئة الأوضاع فى شرق المتوسط.
وعلى الجانب الآخر أعلنت قيادة الجيش الوطنى الليبى أنه تم رصد نشر تركيا منظومة دفاع جوى فى العديد من المناطق غرب البلاد، خاصة فى قاعدة «الوطية»، ومن ذلك يتضح أن هدف تركيا فى الوضع الحالى هو تعزيز التواجد العسكرى لقواتها المقاتلة داخل المنطقة غرب ليبيا تحسبًا لأى عمليات مفاجئة مستقبلا، ورغم أن جميع الأطراف الدولية حاليا وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وعلى الأخص فرنسا وألمانيا تعارض تطور عمليات النزاع العسكرى على أرض ليبيا، كذلك تعارض بشدة عمليات التحرش التركى للبحث عن الغاز فى شرق المتوسط، وبالذات أمام سواحل قبرص، خاصة أن تركيا أصيبت بنوبة إحباط مؤخرا بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان الذى هدم اتفاق ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة الوفاق المخالف للقوانين والأعراف الدولية، لذلك بدأ «أردوغان» يتعرض لهجمات شديدة من داخل تركيا خاصة من المعارضة التى أكدت أن سوء إدارته للسياسة الخارجية خسر بها علاقته مع مصر أقوى دول المنطقة، والتى تحالفت مع اليونان أشد أعداء تركيا، لذلك ظهرت النغمة الجديدة لأردوغان مؤخرا أمس الأول فى حديثه عن أهمية التقارب مع مصر، وأن علاقة تركيا مع مصر قديمة ويجب أن يتم التأكيد عليها وتقويتها، وأضاف أن هناك اتصالات تتم حاليا بين المخابرات التركية والمصرية من أجل تنقية الأجواء وحل المشاكل، ويبدو أن المشاكل الداخلية الآن خاصة الوضع الاقتصادى قد أضافت أعباء كثيره على «أردوغان» بسبب الانهيار الكبير حاليا فى سعر الليرة التركية الذى وصل الى أدنى مستوى وهو 7.4 مقابل الدولار حيث اتجه حاليا معظم الأتراك إلى تحويل مدخراتهم إلى الدولار، كل ذلك أدى إلى انكماش الاقتصاد التركى الذى يعانى حاليا من زياده معدلات البطالة، كما أن استمرار فتح جبهة الجيش التركى فى عملياته شمال سوريا وشمال العراق والقتال ضد الأكراد كل هذه الهموم أصبحت تقلق تركيا، من هنا جاءت التحليلات أن «أردوغان» سيعمل مستقبلا على تحسين علاقته مع الاتحاد الأوروبى الذى يؤيد بشدة موقف قبرص واليونان فى موقفهم بشأن تنقيب تركيا عن الغاز فى شرق المتوسط، ولذلك أصبح تركيز «أردوغان» حاليا على تقوية الوضع العسكرى التركى فى غرب ليبيا مع حكومة الوفاق بهدف تحقيق مكاسب اقتصادية تعوض تركيا عن العجز الاقتصادى الداخلى فى الفترة القادمة، لذلك سنرى كل يوم تغيراً كبيراً فى اتجاهات السياسة الخارجية التركية التى بدأت فى التخطيط مؤخراً نتيجة التكتل الدولى حول عدم الموافقة على سياستها تجاه ما يحدث فى شرق المتوسط أو على الساحة الليبية.