الجيش المصري 2019
تبدأ القوات المسلحة المصرية عامها الجديد، محتلة المركز الثاني عشر (١٢)، على مستوى الجيوش عالمياً، التي يتقدمها في أول الترتيب الجيش الأمريكي، يليه الجيش الروسي، وفقاً لتصنيف منظمة “جلوبال فاير باور”، المعنية بإصدار تقرير سنوي لتصنيف قدرات الجيوش حول العالم … فأصبح الجيش المصري، بذلك، في المركز الأول عربياً، وأفريقياً، ويحتل المركز الثاني على مستوى الشرق الأوسط، بعد تركيا.
ويرجع حصول الجيش المصري على هذه المرتبة، للعديد من العوامل الهامة، ومنها القوى البشرية؛ سواء العاملة أو الاحتياطية، وحجم ومستوى التسليح في كافة الأفرُع؛ القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، كما تدخل الكفاءة القتالية لهذه القوات، والوحدات المعاونة لها، في حساب ترتيب الجيش، فضلاً عن اشتراك القوات المسلحة المصرية في مشروعات التدريب المشترك مع معظم القوى العسكرية في العالم، كتدريبات النجم الساطع مع الولايات المتحدة، وتدريبات أخرى مع روسيا، وتدريبات مع العديد من الدول الأوروبية، مثل فرنسا وإنجلترا واليونان، وتدريبات مشتركة مع الدول العربية. وتعتبر مشاركة جيش أي دولة في تدريبات مشتركة، مقياساً لوصول هذا الجيش إلى أقصى درجات الاحتراف، والكفاءة القتالية، الذي يوضح قيمة التفوق التخصصي للقوات المسلحة.
يضاف إلى كل ما سبق، عنصر هام، يحدد تفوق القوات المسلحة، وتقدم مركزها في التصنيفات العالمية، وهو تنويع مصادر السلاح، وذلك ما بدأت مصر في تحقيقه، منذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر، محققاً بذلك حلم معظم القادة العسكريين المصريين، الذين طالما نادوا بذلك المفهوم؛ فلم تعُد مصر تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية كمصدر رئيسي للتسليح، بل نوعت مصادرها وعددتها، وعقدت صفقات عسكرية هامة مع دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وروسيا والصين.
وهناك عنصر آخر برزت فيه القوات المسلحة المصرية، وهو تطوير نظام الاحتياطي، وأسلوب الاستدعاء، في حالات رفع درجات الاستعداد. وحققت التدريبات المختلفة، التي تقوم بها من حين لآخر، صدق ودقة خطة الاستعداد على كافة المستويات، خاصة أن افتقاد ذلك العنصر، كان أحد أسباب هزيمة الجيش في حرب ٦٧، إذ لم ترتق خطة الاستدعاء إلى مسئولية دخول القوات في حرب شاملة.
من أهم العناصر، التي حققت للقوات المسلحة المصرية، مركزاً متقدماً، هو تطوير ميادين الرماية لكافة الأسلحة، واستقدام الخبرة الأمريكية المتطورة، إلى ميادين الرماية المصرية، التي أصبحت تُدار إلكترونياً، من حيث احتساب النتيجة، وظهور أشكال العدد الثابتة والمتحركة. وفي إطار التدريب المتطور، ظهر استخدام، القوات المسلحة المصرية، لأنظمة المحاكاة التي توفر الوقت، والجهد، والمال، خاصةً في مجال قيادة الطائرات، والرماية، وقيادة الدبابات، والمركبات.
يضاف إلى ذلك المعارك الحربية لطلبة كليات القيادة والأركان، وكلية الحرب العليا، ومن خلال تطوير المنظومة التعليمية، من خلال إرسال البعثات العسكرية إلى الخارج، خاصة إلى الدول الغربية، المتفوقة عسكرياً، بهدف توسيع المدارك العلمية للقادة والضباط على كافة المستويات، والتعرف على أحدث مفاهيم وأساليب القتال التي ابتكرتها تلك الدول.
وأخيراً، فإن وجود صناعات حربية في دولة ما، يعد واحداً من محددات قوتها، وتقدم مركزها، وهو ما يوجد في مصر، إلا أن العديد من تلك الصناعات لم يلقَ أي تطوير منذ أكثر من ثلاثين عاماً، إلا أن زيارات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، للدول الغربية، كان من ضمن أهدافها، التعاون في مجال تطوير الصناعات الحربية، والاستفادة من البنية الأساسية المحلية، التي تتيح تصنيع نوعيات متقدمة من الأسلحة والمعدات، بناءً على ما حققته مصر من نجاح وتفوق في تصنيع الدبابة الأمريكية (M1A1)، لتحفر بذلك بصماتها في القدرة على تصنيع أعقد دبابة قتالية في العالم، من حيث التكنولوجيا.
اختتمت القوات المسلحة المصرية عامها المنصرم، بتنظيم المعرض الدولي للأسلحة والصناعات العسكرية (إيديكس ٢٠١٨)، ليكون بحق مسك ختام هذا العام المضيء للعسكرية المصرية؛ فرغم أنه المعرض الأول الذي تنظمه مصر، إلا أنه خرج بصورة مشرفة للغاية؛ تنظيماً وإعداداً وتنفيذاً، وكان الحضور مشرفاً، وعلى أعلى المستويات، من العديد من الدول المتقدمة في هذه الصناعة، تقديراً واعترافاً بمكانة مصر العسكرية، وقدرتها في ذلك المجال. وقد أتاح، ذلك المعرض، الفرصة، للمرة الأولى، لصغار الضباط، والفنيين، للاطلاع على أحدث إنتاج المصانع الحربية في العالم. وقد أرسى المعرض، في دورته الأولى، قواعد ثابتة لتنظيم الدورة الثانية، في عام ٢٠٢٠، بإذن الله، ضارباً المثل على قدرة القوات المسلحة المصرية على التفوق باستمرار.
ويأتي في النهاية نجاح مصر المُشرف في القضاء على الإرهاب، في الاتجاهات الاستراتيجية الثلاثة، وخاصةً الاتجاه الشمالي الشرقي (السيناوي)، حيث تم تدمير الآلاف من الأنفاق، والقضاء على العديد من الأوكار، ومصادرة كميات كبيرة من المتفجرات والذخائر والأجهزة اللاسلكية والمركبات والصواريخ، أبلغ الأثر في انخفاض معدلات العمليات الإرهابية، بنسبة كبيرة جداً، نتيجة للإجراءات الإيجابية التي اتخذتها القوات المسلحة، وأهمها القضاء على الانفاق، التي كانت المعبر لتهريب الأسلحة والمعدات، فضلاً عن إنشاء قيادة مشتركة في سيناء، للسيطرة على قوات مكافحة الإرهاب، من مختلف أفرُع القوات المسلحة البرية والجوية والبحرية والقوات الخاصة، في ظل جهد الإدارة المصرية، حالياً، على تنمية سيناء، الأمر الذي يحقق سرعة تأمين سيناء في المستقبل القريب.
إن القوات المسلحة المصرية بعد أن ظهرت قوتها في تأمين مصر، وشعبها، في أعقاب ما يعرف بأحداث “الربيع العربي”، كذلك دعمها للدولة في مشروعات التنمية والبناء في مختلف المجالات، من حيث الدقة في الاداء والسرعة في التنفيذ، ووقوفها بجانب القطاع المدني والخاص في مشروعات التنمية، فإن شعب مصر يقف خلف قواته المسلحة، التي حققت لمصر الأمن والأمان، وساندتها في الخروج من تلك الفترة المظلمة، قوية وثابتة، بفضل تلاحم الجيش مع قواته المسلحة.