الجيش المصرى يحافظ على ترتيبه فى التصنيف العالمى
يعتمد حاليًا معظم المحللين الاستراتيجيين والعسكريين فى العالم على مؤسستين مهمتين فى المجال الاستراتيجى والعسكرى: الأولى هى معهد الدراسات الاستراتيجية The International Institute for Strategic Studies (IISS) والذى يعتبر، فى يومنا هذا، هو المرجع الرئيسى لكل الدول وجميع القوات العسكرية والاستخباراتية والمعلوماتية فى العالم.
يرجع تاريخ هذا الإصدار إلى أكثر من 50 عاماً، تحديداً فى عام 1958، مما أكسبه مصداقية دولية، وأصبح دليلاً لكل المفكرين الاستراتيجيين والمحللين العسكريين والباحثين فى شؤون الأمن القومى حول العالم… بل صار تاريخ إصداره فى فبراير من كل عام حدثاً دولياً، ينتظره بشغف المعنيون بمحتواه، للتعرف على الجديد فى الترسانات العسكرية فى العالم، حيث يصنف هذا التقرير جميع دول العالم، بدءاً من الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة عسكرية فى العالم حتى مملكة بوتان كأصغر تلك القوى العسكرية.
أما المؤسسة الثانية، فهى جلوبال فاير باور (Global FirePower).. كأحد المراكز الحديثة فى العالم التى تقوم حاليا بتقديم إصدارها السنوى لتصنيف الجيوش والقوات المسلحة فى العالم، اعتماداً على تحديد قدرات تلك القوات، وبالتالى يتم ترتيبها وتصنيفها بين مختلف القوى العسكرية فى العالم.
ويعتمد هذا التصنيف على عدة عوامل.. لعل أولها هو تعداد القوى البشرية لكل جيش، خاصة نسبة القوات العاملة إلى القوات الاحتياطية، ويدخل معه «أسلوب استدعاء الاحتياطى، وتوقيت الاستدعاء، ونوعه، وفترة تدريب هذا الاحتياط»، وتضع هذه المنظمة أيضاً ليس تعداد العامل البشرى فقط، بل يؤخذ فى الاعتبار نوعية تعليم الفرد المقاتل.. وبالمناسبة نقول إن أحد العناصر التى ساهمت فى تقدم ترتيب الجيش المصرى عالميا هو أن معظم جنود القوات المسلحة حاليا حاصلون على شهادات جامعية عكس ما كان يحدث فى الماضى.
أما العامل الثانى فى التقييم فهو الخبرة القتالية السابقة لهذا الجيش، وليس فقط فى ميادين القتال، بل إن محاربة الإرهاب أصبحت الآن أحد مقومات تقدير قوة أى جيش نظامى.. أما العنصر المهم الآخر فهو جنسية أفراد القوات المسلحة، حيث إن بعض الدول ذات التعداد المنخفض تلجأ إلى أن ينضم إلى صفوف قواتها المسلحة أفراد من جنسيات أخرى بعد تجنيسهم، وبالطبع لن يكون لهؤلاء الدافع لحماية بلادهم.
ويأتى العامل الثالث: حجم الصناعات العسكرية للدولة، ومدى قدرتها على تلبية احتياجات القوات المسلحة.
أما العامل الرابع، فيأتى تحت عنوان «ميزانية الدفاع»، وهى أكثر العوامل التى تحدد قدرة الدولة على تحديث وتطوير قواتها المسلحة.
والعامل الخامس يأتى من مستوى التدريب، وخاصة المناورات العسكرية المشتركة، وأعتقد أن التدريب المشترك المصرى الأمريكى برايت ستار (Bright Star) قد وضع مصر فى ترتيب متقدم.
ويأتى العامل السادس، وهو «الروح المعنوية للقوات المقاتلة» والذى لم يدرج ضمن عوامل تصنيف القوات المسلحة للدول إلا بعد انتصار مصر على إسرائيل فى حرب 73، فبالرغم من التفوق العددى والنوعى للجيش الإسرائيلى، إلا أن مصر حققت انتصارها بفضل الروح المعنوية للمقاتل المصرى فى هذه الحرب ورغبته فى تحرير أرضه المحتلة.
والعامل السابع فى تقييم القوات المسلحة لأى دولة هو وجود عقيدة قتالية عسكرية تتناسب مع قدرات وإمكانيات الدولة.. وتعتبر مصر من أكثر الدول ذات العقيدة العسكرية الخاصة بها بعد خبرة حرب 73.
أما العامل الثامن فهو مدى اعتماد جيوش هذه الدولة على الأنظمة الإلكترونية الحديثة، ولقد ارتفع تقييم مصر إلى التصنيف العاشر منذ 3 سنوات فور شرائها القمر الصناعى العسكرى من فرنسا.
ومن هذه العوامل يجىء تصنيف هذه المؤسسة كل عام للجيوش العالمية، وهذا الأسبوع أصدرت المؤسسة جزءاً من تقريرها السنوى الذى عرضت فيه تصنيف هذا العام بناء على عدة عوامل لأكثر من 106 دول، حيث اشتمل التصنيف على 50 عاملًا، وكمثال جاء تصنيف الدول حول ميزانية الدفاع.. فجاءت الولايات المتحدة فى المرتبة الأولى بميزانية 581 مليار دولار.. وجاءت فى المرتبة الثانية الصين بميزانية 156 مليار دولار، بعدها السعودية بميزانية 57 مليار دولار.
وفى مجال تعداد الجيوش، جاءت فيتنام فى المرتبة الأولى بقوة 5.5 مليون جندى، ثم تليها كوريا الشمالية بقوة 5.2 مليون جندى، ثم الصين بقوة 4.6 مليون جندى.
ومن حيث عدد الدبابات، جاءت روسيا بعدد 15.4 ألف دبابة، ثم تليها الصين بعدد 9.2 ألف دبابة، ثم الولايات المتحدة 8.8 ألف دبابة.
وفى مجال الطائرات، تأتى الولايات المتحدة فى الصدارة بعدد 13.398 ألف طائرة، ثم تليها روسيا 13.2 ألف طائرة، ومن بعدها الصين 2.9 ألف طائرة، ولقد جاءت مصر فى المرتبة الأولى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تمتلك مصر 1092 طائرة، متفوقة على تركيا التى تمتلك 1067 طائرة، وإسرائيل التى تمتلك 595 طائرة.
وفى مجال حاملات الطائرات، تأتى الولايات المتحدة فى الصدارة بعدد 19 حاملة، وتليها فرنسا بعدد 4 حاملات، ثم اليابان بعدد 4 حاملات طائرة.
وفى مجال الغواصات، تأتى الولايات المتحدة على القمة بعدد 75 غواصة، ثم كوريا الشمالية 70 غواصة، ثم الصين 68 غواصة.
وجاء التصنيف العالمى لجيوش الدول، لتكون الولايات المتحدة على رأس القائمة، ثم روسيا فى المركز الثانى، والصين فى المركز الثالث، والهند فى المركز الرابع، وفى المركز الخامس تأتى فرنسا، وفى المركز السادس إنجلترا، وفى المركز السابع كوريا الجنوبية، ثم اليابان فى المركز الثامن، ثم تركيا فى المركز التاسع، ثم ألمانيا فى المركز العاشر، ثم إيطاليا فى المركز الحادى عشر، ثم مصر فى المركز الثانى عشر، ثم إيران فى المركز الثالث عشر، ثم البرازيل، بينما جاءت إسرائيل فى المركز السادس عشر.
وهكذا حافظت مصر على تصنيفها فى الترتيب العالمى بين جيوش العالم، ويأتى ذلك بعد قيام مصر بتنويع مصادر السلاح لتصبح فرنسا وروسيا وألمانيا والصين هى المصادر الجديدة للسلاح المصرى بعد الولايات المتحدة، كما أكد التقرير أن تقوية سلاح البحرية المصرى ليكون السادس عالمياً قد حقق لمصر تكوين الأسطول البحرى الجنوبى لحماية البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والأسطول البحرى الشمالى لتأمين الاستثمارات البترولية والغازية فى البحر الأبيض المتوسط.. وهكذا ستظل قوة الجيش المصرى هى التى تحقق أمن الوطن واستقراره، وتحافظ على استثماراته ضد التهديدات الإرهابية التى تعصف بكل المنطقة.