المصري اليوم

العالم يسأل… متى سيرحل هذا الفيروس اللعين ؟

لواء دكتور/ سمير فرج

 

انقض علينا، فيروس كورونا، اللعين، في أواخر ديسمبر الماضي، من مشارق الكرة الأرضية، لينشر الرعب والخوف، ويهدد بالموت والخراب، في كل أرجاء المعمورة، فأصبح الشاغل الأوحد، لمواطني العالم، هو متابعة إحصاءات الإصابات والوفيات، ومظاهر الكساد الاقتصادي، الفعلي، الذي طال كل دول العالم، غير آبه بتصنيفها المتقدم أو النامي. وأصبح السؤال البديهي، المتردد في أذهان، وعلى ألسنة، الجميع؛ إلى متى نستطيع تحمل ذلك الفيروس، وتبعاته؟ أو بكلمات أخرى؛ متى سيرحل ذلك الفيروس؟

وإجابة هذا السؤال، ببساطة، مرهونة بأمرين؛ أولهما، اعتماد علاج، فعال، لمواجهته، حالياً، وإيجاد المصل، المناسب، للوقاية من خطر الإصابة به، مستقبلاً. وهو ما كان نقطة البداية، في سباق الأمم، للوصول إلى الهدفين، خاصة أن مكتشف اللقاح، والمصل، سواء عالم، أو مركز بحثي، ستدخل دولته التاريخ، من أرحب أبوابه، لما ستجنيه من شهرة بإنقاذها للبشرية المهددة، ولما ستجنيه من أرباح اقتصادية، بالتبعية. لم يخل ذلك السباق، من إبراز للعضلات، بين دول العالم، في محاولة لإثبات الأحقية، السياسية، في تصدر ترتيب القوى العالمية، واستمالة الموازين في اتجاهها.

بدأت الصين بمحاصرة الفيروس على أراضيها، ونجحت في ذلك، ليمر أيام على مقاطعاتها، دونما تسجيل لحالات جديدة، بالتوازي مع تشجيعها للمراكز البحثية، في التوصل للقاح، والمصل، اللازمين، لتثبت جدارتها بأن تكون أقوى دول العالم. أما الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم تفشي الفيروس على أراضيها، وارتفاع أعداد الوفيات الناتجة عنه، إلا أن ذلك لم يمنع علمائها من بذل المزيد من الجهد، لسرعة التوصل إلى العلاجات والأمصال اللازمة، في ظل ما رصده الرئيس ترامب من مخصصات مالية كبيرة، لدعم جهودهم، التي تعزز، بالتالي، من أغراضه السياسية، من المحافظة على وضع بلاده كقوة عظمى، وعلى وجوده، شخصياً، في البيت الأبيض، إذ أن عدم احتواء تفشي المرض، في الولايات المتحدة، في أسرع وقت، والسيطرة على انتشاره، يضع مستقبله السياسي، في مهب الريح، خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، المقرر إجرائها في نوفمبر الجاري. في تلك الأثناء، تحاول أوروبا الصمود أمام الخسائر التي ألمت بها، بسبب كورونا، بتشجيع شركات الأدوية بها على الوصول إلى العلاج، والمصل اللازم.

وفقاً لتصريحات منظمة الصحة العالمية، وعدد من المسئولين، فإن الوصول إلى مصل للوقاية من ذلك الفيروس، قد يستغرق ما لا يقل عن 18 شهر، منذ بدايتها، على أقل تقدير، رغم السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً، التي يتبناها البعض، نظراً لتعدد المراحل التقنية، المعقدة، التي تمر بها تلك الاكتشافات، حتى التأكد من سلامة استخدامها. وهو ما سيجبر العالم، حكومات وشعوب، على ضرورة الاستمرار في الإجراءات الوقائية، والاحترازية، المتبعة، حالياً، مع الالتزام بعدم التهاون فيها، بهدف الحد من سرعة تفشي المرض، لحين الوصول إلى العلاج والمصل المناسبين، رغم ما يفرضه ذلك من آثار سلبية على اقتصادات دول العالم أجمع، والتي تتباين حدتها، وفقاً لمراكز الدول من الناحية الاقتصادية … وهو ما دعا المسئولين، والعامة، على حد سواء، للتساؤل عن المدة التي يستطيعون فيها، كدول وأفراد، تحمل تلك العقبات، والتوابع.

والحقيقة، أن أطقم إدارة الأزمة، في كل دول العالم، في موقف لا تحسد عليه، فجميع السيناريوهات داكنة، والبدائل الناتجة، عن أي منها، في منتهى القسوة، فما بين خسائر بشرية تقدر بالملايين، وخسائر اقتصادية تقدر بالتريليونات من الدولارات، يقف متخذي القرار مكتوفي الأيدي، فالحقيقة أن الخسائر البشرية لا تقاس بالمادة، إلا أن الخسائر الاقتصادية من شأنها، هي الأخرى، الفتك بأعداد هائلة من السكان، والتسبب في هلاكهم، وعليه فإن قراراتهم تسعى، حالياً، على المواءمة، قدر المستطاع، بين احتياجات البشر، بما لا يخل بأمنهم، وسلامتهم.

إلا أن المسؤولين، يمتد دورهم، إلى ما بعد انحسار المرض، بإذن الله، في العمل على احتواء الآثار الناتجة عنه، خاصة في الشق الاقتصادي، بعد تباطؤ عجلة الإنتاج، وارتفاع معدلات البطالة، ودخول العالم، رسمياً، في حالة كساد اقتصادي، وفقاً لإعلان صندوق النقد الدولي، وتوقعاته بانخفاضات، حادة، في معدلات نمو الدول، تصل في بعضها إلى أكثر من نصف ما كان متوقع لها في بدايات هذا العام، قبيل انتشار فيروس كورونا، وتحوله إلى وباء عالمي. وسط كل ذلك الزخم العالمي، لابد وأن ينتبه صناع القرار، إلى ضرورة تحفيز منظومة التعاون الدولي؛ فالانخراط في الأزمة من وجهة نظر أحادية، وإعلاء المصلحة الشخصية، على المصلحة العامة، من شأنه تعميق جذورها، وإطالة أمدها، كما لابد لهم من الالتفات إلى ضرورة إعادة توزيع الموازنات، ورفع مخصصات قطاعات الصحة عامة، والطب الوقائي خاصة.

ندعو الله، سبحانه وتعالى، أن يوفق العلماء، في القريب العاجل، في التوصل للعلاج والمصل اللازم، لتنقشع تلك الغمة، ولتنحسر خسائرها على أقل التقديرات … كما ندعو الله العظيم، أن يوفق أولي الأمر، في التعاون، الجاد والمثمر، للنهوض من عثرات تلك الأزمة، والاعتبار من دروسها في المستقبل.

Email: sfarag.media@outlook.com

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى