هل بدأت طبول الحرب تدق فى الخليج؟
في البداية نود أن نوضح أن كلا الطرفين، الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، لا يرغب أىٌّ منهما في نشوب حرب في منطقة الخليج، لكن تسلسل الأحداث الحالية في المنطقة شجع العديد من مراكز الدراسات والمحللين على القول إن الأمور تسير في التصعيد من كلا الطرفين، وترجع البداية إلى وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، حيث قرر الانسحاب من الاتفاق النووى الأمريكى الإيرانى، وأصبح الهدف الرئيسى للولايات المتحدة الأمريكية هو إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى لإعادة مناقشة بنود الاتفاقية من جديد، وبالطبع رفضت إيران هذا الأمر تمامًا، وساعدتها على ذلك مساندة دول الاتحاد الأوروبى وروسيا على تنفيذ الاتفاق السابق، ومن هنا بدأ ترامب في الضغط على إيران بوضع قيود اقتصادية أخذت في التصاعد حتى وصلت مؤخرًا إلى منع إيران من تصدير بترولها إلى العالم الخارجى، الأمر الذي شكّل ضغوطًا اقتصادية كبيرة على إيران، خصوصًا في الداخل، حيث ارتفعت الأسعار وانخفضت العملة الإيرانية، وزاد معدل التضخم وزادت معدلات البطالة، لذلك اندلعت المظاهرات الشعبية داخل إيران ضد نظام الحكم، وحاليًا تطالب أمريكا إيران بثلاثة مطالب، أولها: تعديل بنود الاتفاقية بشأن إيقاف النشاط النووى، وثانيها: إيقاف نشاط تصنيع وتطوير الصواريخ الباليستية، وثالثها: إيقاف دعم العناصر الإرهابية في الشرق الأوسط، وبالطبع رفضت إيران هذه المطالب الأمريكية، ومازالت تصر على الالتزام بالاتفاق السابق المبرم، ومن هنا بدأت إيران بالتهديد بأنها لن تسمح بعبور النفط العربى عبر خليج هرمز، واشتعلت الحرب الإعلامية بين الطرفين، بعدها بدأت الولايات المتحدة عملية حشد عسكرى في منطقة الخليج تحسبًا لما وصفته بالاستعداد للتصدى للتهديدات الإيرانية في المنطقة، حيث أرسلت حاملة الطائرات الهجومية إبراهام لينكولن وعددًا من السفن والطائرات 52 B ومنظومة الصواريخ الباترويت، وأصبحت هذه الأسلحة والمعدات تحت القيادة المركزية للولايات المتحدة في المنطقة «CENCOM»، وتصاعدت الأحداث عندما تعرضت 4 ناقلات تجارية لأعمال تخريبية قرب ميناء الفجيرة، منها اثنتان تابعتان للمملكة العربية السعودية، في رسالة مباشرة للسعودية والإمارات بأن منطقة مياه الخليج غير مؤمَّنة، الأمر الذي أثار العديد من دول العالم، حيث جاءت التحليلات الأولية من الصحف الأمريكية صباح اليوم التالى بأن إيران وراء هذه الأعمال التخريبية، أما إيران فقد أعلنت أن هناك طرفًا ثالثًا، وتقصد به إسرائيل، وراء هذه الأعمال لدفع الولايات المتحدة إلى القيام بعمل عسكرى ضد إيران، وتشير المعلومات الواردة من العديد من مراكز الدراسات الاستراتيجية والخبراء إلى أن هذا الحشد العسكرى الأمريكى في الخليج جاء بعد معلومات مؤكدة وصلت إلى الولايات المتحدة بنية إيران تنفيذ عمل عسكرى ضد الولايات المتحدة أو أحد حلفائها في المنطقة، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة إلى البدء في تجميع هذا الحشد العسكرى بهدف ردع إيران عن مجرد التفكير في تنفيذ أي عمليات عسكرية في المنطقة، وزادت من تصاعد الأحداث الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأمريكى «بومبيو» إلى بغداد، محذرًا القيادة العراقية من تقديم أي تسهيلات لإيران عند حدوث أي توتر في المنطقة، وجاءت تصريحاته الصادمة بأنه في حالة مهاجمة أي أهداف أمريكية في العراق أو أفغانستان أو أي مكان في دول الخليج، فإن الولايات المتحدة جاهزة للقيام بالرد المناسب، ومن بغداد اتجه «بومبيو» إلى بروكسل، حيث اجتمع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، وأوضح لهم طبيعة الموقف في منطقة الخليج، وقال وزير الخارجية الألمانى إننا لا نريد أن يصل الأمر إلى صراع عسكرى، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، فيدريكا موجيرينى، إن الاتحاد الأوروبى سيواصل دعم الاتفاق النووى مادامت إيران ملتزمة بعمليات التفتيش وحدود إنتاج اليورانيوم، وفى المقابل اعتبر قائد القوة الجوية التابعة للحرس الثورى الإيرانى، أمير على حاجى، أن الوجود العسكرى الأمريكى في الخليج كان دومًا يمثل تهديدًا خطيرًا، لكنه الآن أصبح يمثل هدفًا، وفى البيت الأبيض حذر الرئيس ترامب خلال مؤتمره الصحفى إيران من الإقدام على أي تحرك ضد الولايات المتحدة، وأن ذلك سيكون خطأ فادحًا، ولقد أثار اهتمام الجميع، ما تردد عن وصول المستشفى البحرى Mercy- Class، أمس الأول، إلى منطقة الخليج، وهو مستشفى ميدانى عائم يسع 1000 سرير، وأصبح الآن جاهزًا لتقديم الخدمة الطبية للعمليات، وكانت هذه السفينة قد تواجدت خلال عملية عاصفة الصحراء وحرب العراق، وبالطبع أثار انضمام هذه السفينة إلى القتال في منطقة الخليج تساؤلات كثيرة، وعلى الرغم مما يعتقده العديد من العسكريين بأن هجوم القوات العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج ليس هو المناسب لتنفيذ عمليات هجومية، فإنه قادر على توجيه ضربات صاروخية وجوية ضد أهداف إيرانية تصيب إيران بخسائر كبيرة، ولقد أعلن تقرير إخبارى أن البيت الأبيض يراجع الخطط العسكرية بنشر 120 ألف جندى في الشرق الأوسط في حال مهاجمة إيران القوات الأمريكية أو عملت على تسريع عملية تصنيع الأسلحة النووية، وأفادت هذه التقارير بأن باتريك شاناهان، وزير الدفاع الأمريكى، قدم خططًا مُعدَّلة، خلال اجتماع الخميس الماضى، في إجماع ضم جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكى للأمن القومى، وكبار مساعدى الأمن القومى، وأفادت المصادر بأن هذه الخطط لا تدعو إلى غزو برى لإيران، ورغم أن الرئيس ترامب نفى، أمس، هذه المعلومات، فإن الكل يؤكد أن مجموعات التخطيط في البنتاجون قد عكفت خلال الأيام السابقة على وضع الخطط والسيناريوهات لمجابهة الموقف في منطقة الشرق الأوسط عامة والخليج بصفة خاصة، وبالتالى كان لكل سيناريو حجم من القوات سيتم نقله إلى المنطقة، وهكذا فإن تصاعد الأحداث المتلاحقة في المنطقة يدعو الجميع إلى متابعة التطورات، لكن من المؤكد أن الطرفين لا يسعى أي منهما إلى القيام بعمليات عسكرية قد تزيد من اشتعال الموقف ليس في منطقة الخليج فقط، بل في العالم كله.